القولون المتهيج العصبي أم القولون الحنون؟!
بقلم د. نعيم ابو نبعه
إستشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد
يعتبر القولون من الأعضاء التي تتأثر بشكل غير مباشر بالحزن أو القلق أو التوتر ، ولقد سميت هذه
الحاله بمرض القولون العصبي ، لكنني بدأت بتسميتها بالقولون الحنون لطمأنة المريض بأن هذه الظاهرة المرضية ليس لها تأثير كبير على صحة الإنسان وانه يمكن ان يتعايش معها دون أية مضاعفات او خطر، ولكن بالرغم من ذلك فإن الشخص الذي يعاني من هذه الحالة المرضية عليه مراجعة الطبيب للكشف عليه سريرياً وبعد ذلك عمل فحوصات مخبرية متنوعة وشعاعية ، وقد يحتاج لإجراء تنظير للجهاز الهضمي للتأكد من أنه خال من أي مرض عضوي،بعدها يمكن تشخيصه بالقولون الحنون بعد استبعاد الأمراض العضوية.
ومرض القولون الحنون( المسمى سابقاً بالقولون العصبي) هو ظاهرة وظيفية غير عضوية تتميز بمجموعة من الأعراض التي تدل على اضطراب في الجهاز الهضمي في غياب اي مرض عضوي، وهذه الاعراض التي مردها النشاط الغير طبيعي في عضلات الامعاء تختلف من شخص لآخر ، كما انها في نفس الشخص قد تختلف من وقت لآخر وقد تشتد في بعض المراحل ولكنها تعود للإختفاء مع امكانية بقائها كامنه ( عند بعض الناس) طوال الحياة.
هذا ويعتقد ان حوالي 10% من سكان العالم يعانون من بعض اعراض هذه الحالة ، وهي اكثر انتشاراً عند النساء مقارنة بالرجال ، وعادة ما يكون عمر المصاب في الثلاثينات ولكنها كذلك قد تصيب الاطفال او المتقدمين في السن.
…………………..
أسباب المرض:
…………………..
ان سبب هذا المرض ما زال لغاية الآن لغزاً وغير معروف، لكن يمكن القول اننا نلاحظ ارتباط هذا المرض بما يلي:
1_المشاكل الاجتماعية والحزن والقلق والتوتر : فقد تظهر الاعراض في اوقات الشدة والتوتر العصبي، وهذا ما لوحظ عند العديد من المرضى، حيث ان بداية الاعراض كانت بعد التعرض لضغط نفسي شديد، كما لوحظ تحسن الحالة المرضية عند تحسن الحالة النفسية.
2_اضطرابات الوجبات الغذائية: حيث يمكن ان يكون للطعام قليل الفضلات (قليل الألياف) اهمية في ظهور الاعراض عند بعض المرضى، و أحيانا يكون السبب هو عدم تحمل الاكتوز وبقية
السكريات، وقد يكون عند البعض الآخر تحسس خاص لأحد انواع الاطعمة مثل الحليب، السمك ، البيض، او الشوكلاته …الخ
وهناك بعض الباحثين الذين يعتقدون ان تهيج القولون قد يكون له علاقة مع تناول الشمام، الفجل، الزهرة، الملفوف، الفلفل او البهارات.
3_الاجهاد وقلة النوم: احيانا قد يسبب ظهور بعض اعراض هذا المرض
……………………………
اعراض القولون الحنون:
……………………………
تختلف الاعراض من مريض لآخر وقد تختلف لدى المريض نفسه من وقت لآخر ولكن من الممكن ان نذكر الاعراض التالية:
1)الم بطني ومغص : وهي اكثر الاعراض شيوعاً وقد يكون الألم او المغص شديداً في بعض الحالات وقد يدوم ساعات او ايام، وعادة ما يظهر بعد تناول الطعام الذي يزيد الضغط داخل القولون ، وفي اغلب الحالات يظهر الألم اما في الناحية السفلية اليمنى للبطن او الناحية السفلية اليسرى منه، ولكن في حالات اخرى قد يكون الالم في اي جزء من البطن او في الناحيتين السفليتين اليسرى واليمنى معاً وقد يقل الألم بعد خروج الغائط نتيجة انخفاض الضغط داخل القولون.
هذا وتوجد حالات عديدة ( وخاصة خلال فترة الألم) نتمكن فيها من حس القولون الأيسر بيدينا وكأنه حبل او انبوب قاسي ومؤلم.
اما في حالة انعكاس حركات القولون الى الأعلى فقد يشكو المريض من الألم في المنطقة العليا الوسطى من البطن ( منطقة المعدة ) مع شعور بجشاءات وشعور بالحرقة احياناً.
2) تناوب الامساك والاسهال : ففي حالة القولون الحنون قد يعاني المريض من امساك او اسهال او من التغير المستمر بين الإثنين ، وقد تفصل بين النوبات فترات من الإخراج الطبيعي ، هذا ويكون البراز في بعض الحالات مدوراً صغيراً او رقيقاً، وقد يطرح مع البراز كميات من المخاط.
ومن المعروف ان تغير وظيفة الأمعاء على شكل امساك او اسهال والتناوب بينهما يعتبر صفة هامة لهذا المرض، ولكن يجب التوضيح والتذكير ان الاسهال الليلي الذي يوقظ المريض من النوم غالباً ما يكون نتيجة مرض عضوي في الأمعاء وليس نتيجة القولون الحنون، كما ان وجود الدم مع البراز يجب ان يكون مدعاة للشك بأن يكون السبب عضوي يستحق البحث عنه بجدارة.
3) أعراض اخرى مصاحبة مثل اعراض الهضم: التي قد تتمثل بغثيان، تقيؤ، حموضة وقد يعاني المريض من صداع ، نقص بسيط في الوزن … الخ.
4) شعور بإنتفاخ في البطن: عادة ما يكون في المنطقة السفلى من البطن ، وهذا الشعور بالانتفاخ قد يستمر في الإزدياد خلال النهار وعادة ما يعاني منه غالبية المرضى.
5) درجات متفاوته من القلق والتوتر والإكتئاب : قد ترافق هذه الأعراض هذا المرض وقد تكون هي السبب في ظهور أعراضه.
……………………………..
تشخيص القولون الحنون :
…………………………….
على الشخص الذي يعاني من الأعراض المذكورة أعلاه مراجعة الطبيب للكشف عليه سريرياً وبعد ذلك عمل فحوصات مخبرية متنوعة وشعاعية وقد يحتاج لإجراء تنظير للجهاز الهضمي للتأكد من انه خالي من اي مرض عضوي. بعدها يمكن تشخيصه بالقولون الحنون بعد استبعاد الأمراض العضوية.
وانه لمن الخطأ ان نكشف على المريض سريرياً فقط ونشخصه بالقولون الحنون بدون اجراء الفحوصات التي ذكرناها سابقاً. وعلى المريض المشخص بالقولون الحنون (العصبي )اذا استمر بالاعراض مراجعة الطبيب كل ستة أشهر او كل سنة للتأكد من جديد انه لا يوجد مرض عضوي هام حيث انه احياناً يتم اكتشاف مرض هام جديد.
هذا ومن الجدير بالذكر اننا نلاحظ أحياناً عند بعض المرضى اكتشاف بعض الامراض الخطيره بعد سنه او سنتين من تشخيص الحالة بأنها قولون حنون لذلك يجب ا لا نترك المريض يتناول العلاجات للقولون الحنون لسنوات طويلة دون الرجوع من جديد لإعادة تقييمه وليكن ذلك سنوياً.
…………………………..
علاج القولون الحنون (العصبي ):
…………………………..
1_طمأنة المريض : ان اهم نقطة في العلاج هي طمأنة المريض انه غير مصاب بمرض عضوي وتوضيح ذلك بشكل جيد له، وهذا الإطمئنان سوف يزيل القلق والتوتر عند المريض وقد يزيل الاعراض كلها في بعض الحالات.
وقد ننصح بممارسة تمارين رياضية منتظمة او محاولة الاسترخاء لبعض الوقت يومياً ، وننصح دائماً بمحاولة تهدئة الامور والنظر الى الحياة بنظرة اكثر تفاؤلاً واكثر بساطة.
هذا ولقد لوحظ التحسن التام في بعض الحالات بعد حدوث تغيير هام على حياة المريض مثل الزواج او انجاب الاطفال او تغيير الوظيفة … الخ
2_اذا تبين ان القلق المزمن يلعب دوراً رئيسياً ولم نتمكن من معالجته بالتدابير البسيطه فقد يكون من المفيد استعمال الادوية المضادة للقلق ، اما عند المرضى المكتئبين فغالباً ما تتحسن عندهم الاعراض باستعمال الادوية المضادة للاكتئاب، ولكن يجب الانتباه الى تأثيراتا السلبية الكثيرة.
والله أعلم
3_العلاجات المضادة للتشنج ( ضد تشنج القولون) نستعملها عند بعض المرضى اذا وجدنا ان ذلك مناسباً لحالة المريض.
4_ تغيير وجبة الطعام: والحقيقة انه لا يوجد حمية واحدة قابلة للتطبيق لكل المرضى الذين يعانون من هذا المرض الا اننا قد نساعدهم بالنصائح التالية :

أ_ ابعاد الحليب ومشتقاته عن المرضى الذين لا يتحملون اللاكتوز
ب_ تناول الأطعمة الغنيه بالألياف مثل الخضروات والفواكهه والحبوب لأنها تقلل من الاعراض عند المرضى الذين يعانون من امساك ، ولكنه قد يعطي نتائج عكسية في بعض الحالات عند بعض المرضى الذين يعانون من اسهال .
ج_الإبتعاد عن القهوة والمشروبات الكحولية والبصل والجوز لأنها تسبب تخرش الأمعاء، كما ان الشاي والمشروبات الغازية اضافة الى القهوة تعتبر من المثيرات الهضمية التي يجب تجنبها قدر الإمكان.
بقلم د. نعيم ابو نبعه
إستشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد