نقص فيتامين B12 : الأسباب والأعراض
نقص فيتامين B12 : هل هو شائع في الأردن ؟
بقلم د. نعيم ابو نبعه
إستشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد
يحصل الإنسان على فيتامين B12 من الأغذية الحيوانية مثل اللحوم والسمك والدجاج والبيض والحليب ومشتقاته ويكون هذا الفيتامين مرتبط مع البروتينات الموجودة في تلك الأغذية، وتعتبر أغنى الأغذية بفيتامين B12 هي الكبد والكلى وافقر المواد الغذائية به هي الخضروات والفواكه.
ومن المعروف أن المعدة تقوم أثناء عملية الهضم بإفراز حمض الهيدروكلوريك والذي بدوره يعمل على تحرير فيتامين B12 من البروتينات الموجودة في الطعام ….. وبعد دخوله الى الإثنى عشر يقوم هذا الفيتامين المحرر بالإتحاد والإرتباط مع مادة أخرى تفرزها المعدة تسمى العامل الداخلي Intrinsic Factor
ومن ثم يدخل هذا المركب الجديد المكون من العامل الداخلي وفيتامين B12 الى الأمعاء الدقيقة بدون ان يتأثر بالإنزيمات الهضمية ويصل الى منطقة اللفائفي ( الجزء الأخير من الأمعاء الدقيقة ) وهناك يتم تحطيم العامل الداخلي ويتم امتصاص فيتامين B12 الى الدم ليتم تخزينه في الكبد وفي نخاع العظم وفي أماكن أخرى.
ويعتبر فيتامين B12 من الفيتامينات الذائبة في الماء ولكن على عكس الفيتامينات الأخرى الذائبة في الماء فلى يتم طرحها بسرعة في البول بل تترسب وتتخزن في الكبد ونخاع العظم والكلى وانسجة أخرى. ومن الجدير بالذكر أنه في الحالات الطبيعية وعند الإنسان السليم نجد أن مخزون الكبد من B12 هو حوالي 2 ملغرام ويكون مخزونه في الأجزاء الأخرى 2 ملغرام كذلك . ونظراً للكمية القليلة التي يحتاجها الجسم من هذا الفيتامين فإن مخزون جسم الإنسان المقدر باربعة ملغرامات من فيتامين B12 تكفي متطلبات الجسم لحوالي خمس سنوات قبل أن تظهر الأعراض الكاملة للنقص.
ويعتبر فيتامين B12 مصدر للمثيل (CH3) في التفاعلات الكميائية داخل الخلية….. ويعمل مع حمض الفوليك في صناعة DNA وخلايا الدم الحمراء وهو مهم للمحافظة على الغمد المليني المحيط بالخلايا العصبية .
هناك علاقة وطيدة بين فيتامين B12 والقناة الهضمية …. حيث يحصل الإنسان على فيتامين B12 من الأغذية الحيوانية مثل اللحوم والسمك والدجاج والبيض والحليب ومشتقاته ويكون هذا الفيتامين مرتبط مع البروتينات الموجودة في تلك الأغذية …..ومن المعروف أن الإنسان السليم تكفيه الكمية المخزونه في الكبد
من الفيتامين B12 لإستعمال الجسم لمدة خمسة سنوات تقريباً لهذا السبب لا تظهر أعراض سوء امتصاص هذا الفيتامين الا بعد مرور سنوات من المرض…. ومن هنا تأتي اهمية الإكتشاف المبكر للحاله المرضيه.
اسباب نقص فيتامين B12
يحدث نقص B12 نتيجة عدم تناول الأغذية الغنية بهذا الفيتامين مثل اللحوم والسمك والدجاج ….. الخ أو أن يحدث نتيجة سوء امتصاص هذا الفيتامين والذي قد نجده في الحالات التالية………
1_ مرض الانيميا الخبيثة: والذي يعتبر احدى الامراض المناعية الذاتية حيث يكون جخاز المناعة مفرط النشاط ونيجة لذلك تكون اجسام مضادة في الجسم تقوم باتلاف وتخريب خلايا المعدة التي تنتج العامل الداخلي وبذلك تعوق انتاج العامل الداخلي المفرز من جدار المعدة وبالتالي لا يرتبط فيتامين B12 معه ويحدث سوء امتصاص لهذا الفيتامين ويؤدي الى نقصه في الجسم ….ويتميز هذا المرض بمشاهدة خلايا دم حمراء كبيرة وغير ناضجة. وهذا النوع من الامراض يتم علاجها فقط بحقن عميق تحت الجلد لفيتامين B12 لتملأ مخازنه الفارغة في الجسم بشكل تدريجي.
وفي حالة التهاب المعدة الضموري ( Atrophic Gastritis) : وهو احدى امراض المعدة المزمنة تقل فيه كمية افرازات المعدة من حمض الهيدروكلوريك وهذا ما يؤدي الى تعطيل فصل فيتامين B12 من بروتينات الطعام …. مما يؤدي الى سوء او نقص امتصاص B12 في الامعاء ونقص كميات B12 في جسم الانسان.هذا ويقدر أن حوالي 30% من البالغين الذين تزيد اعمارهم عن الخمسين عاماً يعانون من التهاب المعدة الضموري وبالتالي نقص افرازات حمض الهيدروكلوريك في المعدة وزيادة تكاثر البكتريا داخل الامعاء وبالتالي فهم غير قادرين على امتصاص فيتامين B12 بشكل طبيعي …. ولكنهم لحسن الحظ قادرين على امتصاص B12 المصنع المضاف الى بعض الاغذية المقواة أو الادوية المحتوية على B12.
2_ جراحة وإستئصال كامل أو جزئي للمعدة : بالطبع فإن استئصال جزء من المعدة سيقلل من عدد الخلايا التي تفرز حمض الهيدروكلوريك وكذلك سوف يحدث نقص في انتاج المعدة للعامل الداخلي وكلاهما يؤديان الى سوء امتصاص B12ونقصه في الجسم .
3_ جراحة إستئصال الجزء الأسفل من الأمعاء الدقيقة (اللفائفي) : وهو المكان المفضل لامتصاص فيتامين B12 ولذلك فإن استئصال هذا الجزء سيؤدي بلا محالة الى سوء امتصاص هذا الفيتامين بالرغم من وجود معدة تقوم بعملها على خير قيام في افراز حمض الهيدروكلوريك والعامل الداخلي …..
ويجب التذكير بأن المريض في هذه الحالة يكون بحاجة الى تناول فيتامين B12 عن طريق الحقن لمدة طويلة من الزمن .
4_ مرض كرون أو التهاب الأمعاء المزمن : وهو إحدى امراض المناعة الذاتية يشتكي المصاب به من الاسهالات والآم البطن وأحياناً ارتفاع في درجة الحرارة ونقص في الوزن وتعب عام وأحياناً غثيان وتقيؤ …. وبالرغم من أن مرض كرون يمكن ان يصيب اي جزء من القناة الهضمية الا أن منطقة اللفائفي من الأمعاء الدقيقة هي المكان الرئيسي للإصابة… وبما انها هي نفس المنطقة المفضلة لإمتصاص فيتامين 2 فإن اصابتها بالإلتهاب المزمن سيؤثر بلا شك في كفاءة امتصاص هذا الفيتامين الهام….
5_ الداء الزلاقي أو الحساسية على القمح : يحدث هذا المرض نتيجة عدم تحمل الغلوتين أو بالأصح احدى جزيئاته المسماه غليا دين ( Gliadin) والذي يدخل في تركيب القمح ومشتقاته والشعير والشوفان والجاودار وينتج عن هذا المرض ضمور في زغابات الأمعاء وتآكل في الغشاء المخاطي وهذا الضمور والخراب الذي يحدث في الزغابات المعوية يؤدي الى نقص كبير في مساحة الإمتصاص لعدة مواد من بينها فيتامين B12 .
ومن الجدير بالذكر :
*ان تناول الكحول بكمية كبيرة لمدة تزيد عن الأسبوعين يمكن ان يقلل من امتصاص B12 في الامعاء .
*وأن تناول الاسبرين وما شابههه لمدة طويلة تقلل امتصاص B12 ولهذا السبب يقترح بعض الباحثين مراقبة B12 للمرضى الذين يتناولون الاسبرين لمدة اكثر من شهر .
*ادوية القرحة الهضمية مثل مثبطات الإفرازات الحامضية تقلل بشكل واضح افرازات المعدة من حامض الهيدروكلوريك مما قد يؤدي الى عدم تحرير فيتامين B12 في الجسم وتسببه بالأنيميا الخبيثة لا نلحظه الا بعد استعمال مثبطات الإفرازات الحامضية لمدة تزيد عن السنتين.
*ويجب أن لا ننسى أن هناك قائمة طويلة من الأدوية والتي قد تساعد على خفض أو تقليل امتصاص فيتامين B12 في الامعاء ومن بينها : Metformin, Colchicin, Nicotine, Colestipol, Neomycin وكذلك فإن استعمال بعض مواد التخدير مثل Nitrous Oxide Anesthesia يساعد أحياناً على ظهور الأعراض الكاملة لنقص B12 عند المرضى الذين لم تظهر عليهم الأعراض بعد .
أعراض نقص فيتامين B12
من المعروف أن المستوى الطبيعي لفيتامين B12 في الدم يتراوح ما بين 200- 600 بيكو غرام / مليلتر وان اعراض نقص فيتامين B12 متعددة متعددة وتفاوته أهمها : فقر الدم والتعب العام والإرهاق وأحياناً نقص في الشهية والوزن وإمساك بالإضافة الى الأعراض العصبية مثل تنميل أو وخز في الأيدي والأرجل اخذين بعين الإعتبار امكانية حدوث اعراض عصبية اخرى مثل صعوبة في حفظ التوازن إكتئاب إرتباك وتشويش وضعف في الذاكرة وهذه الأعراض قد تظهر في حالات مرضية أخرى وليست مقتصرة على مرض نقص فيتامين B12.
أما بالنسبة للطفل الرضيع فيحصل على إحتياجاته من B12 عن طريق المشيمة من الأم الى الجنين ويجب ان تتذكر أن اعراض نقص ال B12 الأكثر شيوعاً عند الأطفال قد تكون تأخر في النمو وحركات غير طبيعية للطفل وتأخر في التطور بشكل عام بالإضافة الى ظهور اعراض الأنيميا الخبيثة ويجب التذكير بأنه في حال معاناة الأم من نقص هذا الفيتامين العائد الى كونها ” نباتية بشكل صارم ” قد يعرض الطفل بعد أشهر من الرضاعة الى نقص B12 . وعلى الأمهات النباتيات اللواتي ” يتناولن طعاماً نباتياً بشكل صارم ” مراجعة أطباء الأطفال للتأكد من سلامة أطفالهن من أي اختلالات عصبية ناتجة عن نقص 2 لأن عدم ملاحظة وعدم علاج نقص ال B12 عند الأطفال حديثي الولادة قد يؤدي الى اصابة أو ضرر عصبي دائم.
هل من علاقة بين فيتامين B12 وامراض القلب والشرايين ؟؟؟؟؟؟؟
في السنوات الأخيرة حدد العلماء عامل اضافي يتسبب في احتمال زيادة الإصابة في امراض القلب والشرايين ، الا هو ارتفاع مستوى الوموسستيين ( Homocysteine) في الدم حيث تبين أن ارتفاعه مرتبط باحتمالية الاصابة بامراض القلب التاجية والسكتة القلبية .
والحقيقة ان نقص فيتامين B6,B12, وحمض الفليك من الغذاء المتناول يومياً سيؤدي مع الوقت الى زيادة مستوى الهوموسستيين في الدم وهوحامض اميني يساعد ارتفاع نسبته في احداث تصلب الشرايين والذي قد يؤدي الى الجلطات القلبية والدماغية . ولقد لاحظ الباحثيين ان هذه الفيتامينات تساعد على تحطيم الهوموسستيين في الجسم …. ولوحظ كذلك ان زيادة مستوى الفيتامينات هذه مرتبط بإنخفاض مستوى الهوموسستيين .
ويعتقد البعض ان ارتفاع نسبة الهوموسستيين في الدم يؤدي الى اعاقة حركية في طبقة الاندوثليوم في الوعاء الدموي والتي تحدد سهولة جريان الدم في الأوعية الدموية ….كما ان ارتفاع مستوى الهوموسستيين في الدم يساعد في زيادة اذى الشرايين التاجية مما يسهل تكوين الجلطات التي تؤدي الى النوبة القلبية .
لكن هناك من يقول ان ارتفاع نسبة الهوموسستيين يعتبر علامة لامراض القلب والشرايين اكثر من كونه سبباً لها .
نقص فيتامين B12 هل هو شائع في الأردن؟؟؟؟؟؟
هناك اعتقاد على نطاق واسع بأن نسبة المرضى الذين يعانون من نقص B12 في الاردن هي عالية جداً …..ولقد قرأنا العديد من المقالات والتحقيقات الصحفية التي اشارت الى النسبة العالية لنقص B12 في الاردن .ولهذا السبب نظمت اللجنة العلمية والتعليم الطبي المستمر في نقابة الأطباء الأردنية امسية علمية في الملتقى العلمي الاجتماعي للاطباء قبل اشهر حول هذا المرض حاضر فيها الدكتور زياد نصير استشاري امراض الدماغ والاعصاب في مستشفى الجامعة الأردنية والدكتورة سناء السخن استشارية املااض الدم
والاورام في القطاع الخاص والدكتور يوسف العجلوني استشاري امراض الجهاز الهضمي والكبد في مدينة الحسين الطبية . ولقد نوقش هذا الموضوع من عدة جوانبه وتبين لنا ان نسبة هذا المرض في الاردن هي مشابهة الى الدول الأخرى وانها ليست مرتفعة كما تروج بعض الجهات حيث تبلغ النسبة اقل من 2%.
ولقد كانت القاعة ممتلئة الى حد الاشباع وابدا الحضور آرائهم حول الظاهرة وأكدوا ان المستفيد الاول من هذه الشائعات هي شركات الأدوية بالإضافة الى المختبرات الطبية لأن المواطنون أصبحوا يطلبون فحص B12بشكل دائم ومستمر ويطالبون ويحاولون شراء ادوية B12لتناولها بالرغم من عدم حاجة العديد منهم للدواء.
بقلم د. نعيم ابو نبعه
إستشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد