الديدان الدقيقة الخيطية”الشعرية” الاكسيورية Oxyuriosis
بقلم د: نـعيـم أبـو نبـعــة
استشاري أمراض الجهاز الهضمي و الكبد
العدوى بديدان الاكسيورية ( الدقيقة الخيطية ) تحدث في كل دول العالم و تصيب أفراد من كل الأعمار و المستويات الإجتماعية و الاقتصادية فهي لا تقتصر على المناطق الريفية والفقيرة بل تصيب أيضاً افراداً من المجتمعات الراقية و المتحضرة، و لكنه أكثر تـواجداً في المناطق التي تتمتع بجو معتدل او جو بارد.
و هي منتشرة بشكل خاص بين الاطفال قبل او بعد بلوغ مرحلة المدرسة، و قد نجدها عند بعض العائلات او مجموعات من الناس تعيش معاً ( تجمعات سكنية، حضانات الاطفال،بعض المدارس،او أي سكن مكتظ بالسكان ).
عند البالغين تكون العدوى أقل انتشاراً نتيجة الاهتمام بالنظافة ولإمكانية وجود مناعة معينة ( غير محددة ) عند البالغين.
أسباب العدوى بدودة الاكسيورية:
يصاب الانسان بالعدوى عن طريق بلع بيض دودة الاكسيورية و التي تحتوي على جنين،وهذه البيضة تكون محمولة عـادة على الاظافر، الملابس، شراشف الأسرة، او غبار المنـزل.
يفقس البيض في معدة الانسان بتأثير الافرازات الهضمية وتخرج اليرقة من البيضة ثم تهاجر الى الامعاء الدقيقة ومنها الى القولون لتستقر في منطقة الأعور،وهناك تنضج اليرقة و تتحول الى دودة بالغة،و يمكن أن تعيش هناك لمدة أشهر.
و هذه الدودة البالغة صغيرة الحجم، لونها ابيض مثل الخيط وطول الانثى منها يبلغ حوالي سنتمتراً واحداً والدود الذكر حوالي نصف سنتمتر.
تقوم الدودة الانثى الحامل بالهجرة ليلا من القولون الى المنطقة المحيطة بفتحة الفرج وهناك تضع آلاف البويضات على جوانب فتحة الشرج و على الفخذين ثم تموت الأنثى بعد ان تكون قد وضعت البيض، وعندما تنشف هذه البويضات ( الخفيفة جداً و غير منتظمة الشكل) وتنتشر الى الملابس الداخلية،السرير، الارض…الخ.
وبعد مرور ستة ساعات ( فترة النضوج ) يمكن مشاهدة يرقة ملتوية واحدة تخرج من كل بويضة و هذه اليرقة يمكن ان تبقى على قيد الحيـاة مدة 20 يومـاًوقد تعـود اليرقة الى الفم عن طريق الإصبع بعد الحـك و الهرش في منطقـة الشـرج ومن هنا تعـود الاصـابة من جديد و تستمر الحلقة.
عـلــم الأوبـئـــة
تتهيج المنطقة المحيطة بفتحة الشرج خلال وضع البيض من الدودة الانثى، وهذا التهيج يحث على الحك والهرش و الخدش، ويُحمل البيض في الأصابع و خاصة الأظافر لينتقل بشكل مباشر او ليتبعثر في البيئة و بهذه الطريقة تنتقل العدوى للآخرين.
يعتبر الإنسان هو المضيف الطبيعي لهذه الدودة، ولقد تبين ان انتشار و كثافة الإصابة بهذه الدودة تكون قليلة عند الرضع و الأطفال الصغار وتصل الى ذروتها في الانتشار في العمـر ما بين 14 – 5سنة ويقل انتشارها في فترة الشباب ( ربما للاهتمام بنظافة اليدين او بسبب تقليص فترة التعرض او بفضل الجهاز المناعي ).
و الواضح ان اكثر الطرق شيوعاً لنقل الإصابة عند الأطفال هي النقل المباشر من الشرج الى الفم والتي تنتقل من خلال الأصابع الملوثة او تناول الطعام بأيدي ملوثة من التربة.
ان إعادة الإصابة كما ذكرنا سابقاً قد يحدث بشكل سهل بسبب وجود البيض تحت أظافر الأطفال المصابين و الذين خرّشوا منطقة الشرج و يخرج البيض من المنطقة المحيطة بفتحة الشرج الى البيئة المحيطة و يمكن ان تبقى على قيد الحياة لمدة ثلاثة أسابيع و يمكن ان تستنشق او ان تبلع اذا أصبحت منتشرة في الهواء،و يمكن ان ينتشر البيض مع الغبار او على جلد الحيوانات الأليفة او يلوث أدوات مثل: فرشاة الأسنان، فناجين الشاي…الخ.
و في المنـزل وبواسطة الغبار الملوث تبقى بيضة الاكسيورية معدية خلال أسابيع في بيئة المنـزل، و إمكانية العدوى تعتمد على:درجة حرارة المنـزل، كمية الرطوبة،كمية وكيفية تعرض المنـزل لأشعة الشمس.
الأعـراض و العلامــات
1. الحكة الشرجية:من المعروف ان المرضى المصابين بعدوى بسيطة قد لا يشتكون من أية أعراض، و لكن الشكوى الأكثر أهمية و الأكثر تكراراً هي الهرش و الحكة المتهيجة في منطقة الشرج و هذه الحكة المتهيجة تحدث بشكل تقليدي في الليل خاصة عندما يكون المريض في فراشه او نائماً، و تقوم على أساس ان بيض الأنثى متواجد بكثرة وبكميات كبيرة في تلك المنطقة، و الحكة تفسرها الحساسية على مكونات الدودة، و قد يكون هذا هو العرض الوحيد لهذه الاصابة.
و لكن هذه الحكة الشرجية قد تكون من الاعـراض لمشاكل صحية أُخرى وقد تنسب خطأً الى هذه الدودة، لهذا نقول انه بالإضافة الى الدودة الاكسيورية هناك عدة أمراض قد تسبب حكة شرجية وخاصة بعض الامراض الجلدية.
– فالحساسية في تلك المنطقة قد تسبب الحكة، وهذه الحساسية قد يكون من الصابون او المرهم الذي يستعمل لتخفيف الاعراض التي تسببها الديدان حيث ان المراهم المحتوية على مخدر موضعي تُعرف جيدا بأنـها قد تسبب حساسية و قد تساهم في تفاقم المشكلة.
– و كذلك فان الالتهابات ( الكنديدا ) ممكن ان تسبب حكة في منطقة الشرج خاصة عند المصابين بالسكري او المصابين بأمراض نقص المناعة.
– أسباب أخرى للحكـة قد تكون زيادة إفرازات المهبل او الفشل في احتباس البول عند النساء او التعرق الشديد خلال الطقس الحار…الخ.
2. ان الهرش و الخدش حتى تزول الحكة قد يؤدي الى التهاب بكتيري ثانوي في منطقة الشرج.
3. قد تُحدث الدودة أذى سطحي في الغشاء الداخلي للقولون مما قد يؤدي الى حدوث التهاب جرثومي في تلك المنطقة المصابة من القولون و نادراً جداً ما يتسبب في خراجات صغيرة في جدار القولون.
4. الأعراض العصبية: و تتمثل بالأرق، سرعة التهيج،القلق، التكلم او المشي أثناء النوم، الكابوس وقد يَظهر الطفل شاحب اللون، مرهق مع أجفان مزرقة و تحصيل دراسي سيئ، وهذه الاعراض ناتجة عن شدة الإصابة او عن الحالة النفسية للمصاب و عائلته او التفاعلات التحسسـية للطفيل.
5. قد يحدث بالصدفة دخول الديدان الى الجهاز التناسلي للأنثى و تبقى محتمية بكبسولة داخل الرحم او في انابيب فالوب، او قد تهاجر الى التجويف البريتوني مما يؤدي الى التهابات في تلك المنطقة.
6. قد تكون مشاهدة الديدان قريبة من منطقة الشرج سبباً لصدمة نفسية مؤذية جداً للطفل و لأهله لذلك يجب التأكيد للمرضى ان هذا النوع من الديدان منتشر ولا توجد وصمة عار لحدوث ذلك.
تشخيص العدوى بديدان الاكسيورية :
يتم الشك بالمرض عند وجود حكة في الشرج او الفرج او الانف بالاضافة الى وجود إنزعاجات عصبية خاصة اذا كان هناك أفراداً من العائلة آخرون يعانون من نفس الاعراض.
ويكون التشخيص الدقيق بمشاهدة الدودة او بيضها على جوانب فتحة الشرج، و كذلك يمكن وضع شريط لاصق على فتحة الشرج في الصباح الباكر و بعد مرور الوقت يؤخذ الشريط ليتم فحصه تحت المجهر لمشاهدة البيض.
ان عملية جمع البيض يمكن ان تجرى في المنـزل، لكن التقيـيم و الفحص يجب ان يتم في المختبرات و هناك طريقة أخرى يتبعها الآباء و هي المراقبة بالعين لمنطقة الشرج ( بضوء ) لمدة ساعة او اكثر بعد نوم الطفل حيث يمكن مشاهدة الاناث من الديدان تخرج من فتحة الشرج لكي تضع بيضها، فإذا وُجدت الدودة في المنطقة المحيطة بفتحة الشرج يجب ان تحفظ في محلول كحولي ( إيـثانـول %75 ) الى ان نتمكن من فحصها بالميكروسكوب، وانه لمن الأهميـة اجراء دراسة على جميع أفراد الأسِرة و زملاء المريض في الروضة او المدرسة.
علاج العدوى بالديدان الاكسيورية
يجب ان يتم معالجة كل أفراد الأسِرة في وقت واحد و تثقيف المصابين و المرافقين بالطرق التي تمنع انتشار هذا الداء، وذلك باتباع ما يلي:
· الغسيل الجيد لملابس النوم و شراشف الأسِرة والمناشف و الملابس الداخلية للشخص المصاب و كافة أفراد العائلة، مع الأخذ بالاحتياط عدم هزّ و رجّ الملابس و الأقمشة لأن ذلك سوف يبعثر و ينشر البيض في الهواء و يسهل انتشارها.
· ينصح بحمام يومي في الصباح لإزالة البيض العالق في المنطقة المحيطة بالشرج خلال الليل.
· يجب غسل المنطقة المحيطة بالفراش: بتنظيف جدران المنازل و شقق النوم جيداً و بشكل مستمر.
· التعقيم اليومي لمقعد الحمامات و مصارف الحمامات.
· يفضل ان يلبس المريض ليلاً شورت ضيق تحت بيجامة النوم حتى نحاول منع هجرة الديدان الى مناطق أخرى و نتجنب الأذى من شدة الحكة و الخدش.
· تنظيف أظافر الطفل المصاب بالصابون و الفرشاة كما و يجب ان تقص و تقلم أظافره بشكل دوري حتى نمنع تجمع البيض تـحت الأظافر و بالتالي الإصابة من جديد.
· الاهتمام دائماً بالنظافة الشخصية و غسل اليدين بشكل دوري و خاصة قبل الوجبات و بعد استعمال التواليت.
الأدويــــة
يعطى جرعة واحدة من الأدوية التالية و تكرر بعد أسبوعين الجرعة نفسها للتحكم في العـدوى التي قد تكـون قد حدثـت من جديـد، لذلك يمكـن للمـريض ان يتناول إحدى الأدوية التالية:
بيبيرازين ( Peperazine Salt ) 100 ملغم لكل كيلوغرام (100mg /Kg ).
(Pyrantel Pamoate ) عشرة ملغم لكل كيلو غرام (10mg /Kg ) وهو فعال وآثاره الجانبية قليلة وأصبح دواء مهم في علاج الديدان عند الانسان و هو يعمل على شل عضلات الدودة ومن ثم قتلها .
ميبندازول( Mebendazol ) 100 ملغم لكل الاعمار (100mg /Any age)
بيرفينيوم (Pyrvinium) 5 ملغم لكل كيلو غرام (5mg /Kg ) .
والله أعلم
بقلم: د.نعيم أبو نبعة
استشاري أمراض الجهاز الهضمي و الكبد