.. الصوره ل نعيم يوسف ابو نبعه …. الثالث الاعدادي 1964 ميلادي / الاشرفيه :
مدرسه حسن البرقاوي — في جامع ابو درويش
……… من الذاكره.. قصص حقيقيه 100٪
……… درست الصف الثالث الابتدائي والرابع والخامس والسادس الابتدائي عام 1958 وعام 1959 – وعام 1960 وعام 1961 في مدرسه صلاح الدين الايوبي في الاشرفيه ..( عمان ).. وكنا يوميا في الطابور الصباحي ننشد النشيد الوطني الاردني والنشيد الوطني الجزائري …. ونصيح بقوه : وعقدنا العزم ان تحيا الجزائر فاشهدوا فاشهدوا فاشهدوا ..
.. .. وفي غرف الدراسه كنا نجمع تبرعات للجزائر ..نحاول التبرع بتعريفه ان وجدت معنا نتبرع بها بدلا من ان نشتري بها شيئا في الفرصه .. ونستطيع احيانا ان نجمع من كل غرفه دراسه خمسه قروش وقد تصل احيانا الى ثمانيه قروش من كل فصل ……
. . أما الاول أعدادي والثاني أعدادي والثالث أعدادي ( عام 1962 وعام 1963 — وعام 1964 ) فكانت دراستي في مدرسه بجانب بيتنا في جبل الاشرفيه وكانت المدسه موجوده في جامع ابودرويش من الجهه الخلفيه من الجامع ( مدرسه حسن البرقاوي ) ..قبل ان ننقل الى جبل الحسين لدراسه الثانويه… ……. وخلال دراستي الثانويه في جبل الحسين كنا ننزل مشيا على الاقدام من الاشرفيه الى وسط البلد عن طريق وادي سرور ( ننزل مشي لكي نوفر تعريفه ).. ومن وسط البلد نأخذ الباص الى جبل الحسين… وعند الانتهاء من اليوم الدراسي ننزل مشيا على الاقدام من جبل الحسين الى وسط البلد ( لكي نوفر تعريفه اخرى ) وبعدها نستقل الباص من وسط البلد الى جبل الاشرفيه وننزل من الباص أمام جامع ابو درويش القريب من منزل والدي رحمه الله …….. المهم ان المواصلات كانت تكلفني قرش واحد يوميا .. وكانت متوفره دائما …… والحمد لله رب العالمين.
————- ————- ——————- ————–
.الجزء الثاني :
.. وبعد ثلاثه سنوات من الانتقال اليومي من الاشرفيه الى جبل الحسين جاء وقت امتحان الثانويه العامه عام 1967 ميلادي وتمت الامتحانات للأيام السبعه الأولى ( حسب ما أتذكر ) وكانت المراقبه صارمه و شديده جدا جدا وجاء اليوم الذي يليه وكان الخامس من حزيران حيث ذهبنا مثل باقي أيام الامتحانات الى القاعه و فوجئنا بأن المراقبين واغلبيتهم من الجيش العربي ( حيث كان المكان الخاص لنا بتقديم الامتحان هو في قاعات ” التطبيقيه النموذجيه ” في جبل الحسين واعتقد انها كانت تابعه للجيش.؟ ………………..فوجئنا انهم لم يهتموا بالرقابه في ذلك اليوم وتركونا نتحدث مع بعض .وكانوا يقولوا لنا يلا يلا يا شباب هناك اخبار حلوه جدا …هناك اليوم اخبار ممتازه لكم وكانوا فقط يتحدثون مع بعض ولا ينظروا الى الطلاب ويقولوا لنا .يلا ..يلا خلصوا هناك اخبار جيده لكم …ونحن الطلبه منهمكون في التحدث مع بعضنا البعض لكي نتأكد ان اجاباتنا صحيحه وخاصه ان المراقبه في هذا اليوم لا تذكر فهم يتحدثوا مع بعض فرحين و مبسوطين ويقولوا يلا يا شباب .يلا يا شباب…..
……………………. وبعد تسليم الأوراق اخبرونا بان الحرب قد بدأت بين العرب والعدو الصهيوني وان الطائرات العربيه تغير على مواقع العدو ..وان العرب اسقطوا عده طائرات للمحتل الصهيوني … واصابتنا فرحه كبيره جدا … وسرنا مشيا على الاقدام عدد كبير من الطلبه من طلبه كليه الحسين وكليه رغدان الى وسط البلد ونحن فرحين بسماع الاخبار التي تعطي الانطباع ببدايه تحرير فلسطين ..وعندما وصلنا الى شارع السلط والى ساحه المسجد الحسيني الكبير في وسط العاصمه شاهدنا عده عربات وآليات تحمل الجنود في طريقها الى مواقع القتال وكنا نصفق ونصفق ونصفق بحراره بأيدينا ونحيي ونرفع علامه النصر والبعض من الطلبه أصابه البكاء الشديد لأننا نريد ان نكون معهم في ساحه المعركه .. وكانت الاغلبيه تردد بصوت عالي الله اكبر .الله اكبر الله اكبر ….
—————— ———————- — —————– —– – الجزء الثالث :
…… وبعد حوالي ثلاثه أشهر من هزيمه حزيران 1967 ميلادي وبعد الصدمه العميقه والحزن الشديد الذي كنا نشعر فيه من نتائج الهزيمه .. ………..كان عندي رغبه شديده لدراسه الطب ( وخاصه ان زملائي في مدرسه حسن البرقاوي في الاشرفيه وبعد لبسي لنظارات طبيه منذ اول اعدادي كانوا ينادونني دكتور نعيم .. … د. نعيم لأن معظم الاطباء في ذلك الوقت كانوا يلبسون نظارات ) ونتيجه رغبتي وتشجيع والدي ووالدتي رحمهما الله لدراسه الطب قررت السفر الى اوروبا لدراسه الطب وكانت اول سفاره راجعتها للسؤال عن امكانيه دراستي للطب وعن شروط الحصول على فيزا للدراسه هي السفاره الاسبانيه وفوجئت بالترحيب الفوري وطلبوا مني فقط شهاده الثانويه العامه مصدقه وجواز السفر ساري المفعول وهذا ما وفرته لهم ثاني يوم لأحصل على الفيزا بعد 24 ساعه ((ومن المعروف ان اسبانيا كانت في ذلك الوقت تحت الحصار الاوروبي نتيجه حكمها من الجنرال فرانثيسكو فرانكو وبالطبع لم تكن تعترف بدوله الاحتلال وكانت آخر دوله اوروبيه تعترف فيها وذلك بعد توقيع اتفاقيات ” سلام ” ( اتفاقيات الذل ) بين دوله الاحتلال ومصر ))
….. وبعد الحصول على الفيزا لدخول اسبانيا بدأت اجهز نفسي للسفر …….. وهنا بدأ أهلي بالسؤال هنا وهناك ماذا ممكن ان يأخذ معه ابننا نعيم وخاصه انه لا يعرف اللغه الاسبانيه ولا يعرف أحد هناك لمساعدته … واخيرا بعد مشاورات كثيره قرروا أن احمل معي اشياء قد احتاجها اول اسبوع على الاقل مثل :: زيت … وزعتر و زيتون اسود ….و زيتون اخضر .. .. ملوخيه ناشفه …باميه ناشفه علب سردين وعلب تونا وبقلاوه وحلويات اخرى بالاضافه مواد حلاقه واخرى لتنظيف الاسنان . وقالت والدتي رحمها الله : يا نعيم الله يوفقك ويسعدك والله يرضى عليك ليلا ونهارا في الدنيا وفي الآخره … سوف تحتاج اول الايام ان تشتري خبر على الاقل .. .
.. .. وتقريبا في منتصف أب 1967 سافرت الى اسبانيا لدراسه الطب …ولم يكن هناك خط طيران مباشر من عمان الى اسبانيا فسافرنا بالسياره الى دمشق ومكثنا ليله واحده وثاني يوم الصباح الباكر توجهنا الى مطار دمشق الدولي للسفر الى اسبانيا و توقفت الطياره في مطارين في اوروبا الشرقيه لتنزيل ركاب وصعود آخرون … وكان يرافقني في السفر الزميل الدكتور كمال ابو خرمه والذي استقر في اسبانيا بعد الانتهاء من دراسه الطب والزميل الدكتور بديع النبراوي ( استشاري امراض الجلديه ) ويعمل حاليا في دول الخليج .
…. ووصلنا الى مطار مدريد الدولي حوالي الخامسه مساء وأخذنا سياره برفقه رفقاء السفر كمال ابو خرمه وبديع النبراوي الى وسط المدينه نبحث عن سكن ..وكان هناك اعلانات كثيره عن تأجير غرف عند عائلات اسبانيه وقام كل واحد منا بالذهاب الى احدى هذه الاماكن .. وطبعا كل واحد فينا يحمل تقريبا نفس المحتويات من الاردن وكان علينا في الايام الاولى ان نشتري فقط خبز ونأكل كل واحد في غرفته من المواد التي احضرها من الاردن … ولكن في الصباح و في احدي المحلات المجاوره نشرب شيئ ساخن قهوه مع حليب مع تناول الحلويات الصباحيه…وكانت اسبانيا رخيصه جدا جدا في تلك الايام . واتذكر ان شرب كوب كبير من القهوه مع الحليب وتناول حلويات مرافقه كان يكلفنا في ذلك الوقت في المحلات بزتتين ونصف ( يعني أقل من قرشين ) .
…….. وبعد يومين حصلنا على عنوان كليه الطب في مدريد وذهبنا هناك نسأل عن طلبه عرب ليساعدوننا في البحث عن سكن وعن كيفيه تعليم اللغه الاسبانيه …. ووجدنا الكثير من الطلبه الاردنيين والفلسطينيين والسوريين واللبنانيين والكل كان يحاول مساعدتنا وشرح كل شيئ لنا واعطونا اسم استاذ عربي يعلم اللغه الاسبانيه اتذكر اسمه البروفيسور صلاح …
….. مكثت حوالي ثلاث اشهر في العاصمه الاسبانيه مدريد ثم انتقلت الى مدينه بلنسيا للبدء في مشروع دراسه الطب في جامعه بلسيا ( وهي المدينه الثالثه من ناحيه عدد السكان بعد مدريد وبرشلونه ) .
—————– ———————— ——————-
================= ======================
… .. الجزء الرابع من مذكراتي
. نعيم ابو نبعه : من بلنسيا ( اسبانيا ) الى بنغىازي – ليبيا .. .. ثم مطار عمان الدولي في ماركا:
…. في 15 – نوفمبر 1972 تعرفت خلال دراستي الطب في جامعه بلنسيا الاسبانيه على فتاه جميله رائعه مؤدبه متواضعه ومهذبه ومن عائله مرموقه حيث كان والدها مهندس كيميائي يعمل في مدينه بلنسيا .. وكان عمرها أقل من ثمانيه عشر عاما وتدرس تمريض .. وبالرغم انني كنت ضد الزواج من الاجنبيات واطالب زملائي جميعا ان لا يتزوجوا اجنبيات .. ولكنني على ما يبدوا كنت في طريقي الى الوقوع في الفخ حيث ان هذه الفتاه يوجد فيها كل الصفات المطلوبه لي كعربي وكمسلم .. .. فقررت ان اتحدث اليها وأتقرب منها وبعد حوالي الاسبوعين قامت بدعوتي الى منزلها لكي أتعرف على والدها ووالدتها واخواتها وأخيها ولكي تقدمني كخطيب لها … ولقد رحب الجميع بالعربي نعيم ابو نبعه الا ان والدها كان متخوف بعض الشيئ لأن العادات والتقاليد مختلفه جدا بين اسبانيا والاردن .. وبعد تناول الغداء في بيتهم تم اعتبار هذا اللقاء بأنه موافقه على الخطوبه … ………………… وبعثت رساله ( في ذلك الوقت لم يكن عند اهلي تلفون وكان التواصل الوحيد هو عن طريق الرسائل ) الى أهلي في عمان وفيها صور خطيبتي الاسبانيه وصور اهلها واستلمت الجواب بعد حوالي ثلاثه اسابيع تقريبا بأن الفتاه جميله جدا وعلى ما يبدوا ان اهلها محترمين جدا ولكنها لاتستطيع هذه الفتاه ان تعيش معنا في عمان بالظروف التي نعيشها وبعاداتنا وتقاليدنا وديننا الاسلامي … وفي نفس الرساله ارسلوا لي مجموعه من الاقتراحات لأن اتجوز من عمان حيث ان هناك فتيات مؤدبات وجميلات ومن بنات عمان والاردن . … .. وقمت بترجمه الرساله لها حرفيا وأوضحت لها اني من أصل فلسطيني من قضاء نابلس وأهلي بسطاء ووضعهم المالي ضعيف جدا وابي يعمل بمهنه متواضعه جدا في وزاره الصحه فأجابت : “معهم كل الحق ان يرسلوا هذا الجواب ” .. لكن تسائلت كيف ممكن ان أحصل على رضاهم ؟؟ ..وكيف ممكن ان أبسطهم ؟؟ هل اذا اعلنت اعتناقي للاسلام سيفرحون ؟؟ هل سوف يرضون عني ؟؟ قلت لها طبعا سوف يفرحون ويزدادوا حبا بك ….. فقالت ماذا اعمل لكي ادخل الاسلام ..؟ قلت لها قولي أشهد ان لا اله الا الله وأشهد ان محمد رسول الله فنطقتها حرفيا .. وقلت لها مبروك لقد دخلتي الى الاسلام وسيفرح أهلي بذلك …وبدأت هذه الفتاه بدراسه الاسلام منذ ذلك الوقت وتتعمق به تدريجيا … وطبعا قمت بكتابه رساله جديده الى والدي أوضحت فيها مميزات هذه الفتاه الرائعه وأهلها وانها قد دخلت الاسلام حبا بكم .. واستمرت الخطبه حوالي سنتين ونصف وكانت تطلب مني ان يكون لقاءاتنا اما في مكتبه كليه الطب أو في مكتبه وسط البلد واسمها ( Ateneo MercantiL ) والتي تقع في وسط مدينه بلنسيا وعاده ما يتواجد فيها بقصد الدراسه بعد الرابعه مساء عدد كبير من الطلبه العرب يتسابقون على اخذ مكان مميز من اجل التركيز في الدراسه للامتحانات ..
.. وكنت خلال تلك السنوات نشيط جدا نقابيا ورئيسا لأتحاد الطلبه وأقوم أحيانا بتنظيم نشاطات و محاضرات عن القضايا العربيه وفي مقدمتها القضيه الفلسطينيه ويجرى معي العديد من المقابلات في الصحف او في الاذاعه للتكلم عن قضيتنا المركزيه وقضايا لبنان وسوريا والاردن وكانت خطيبتي تشجعني على ذلك ولكنها دائما كانت تردد نصيحه بالقول ” يا نعيم ان أهلك ارسلوك الى اسبانيا للدراسه والتخصص وليس للسياسه … نعيم انا معك في الدفاع وشرح القضايا العربيه للشعب الاسباني لكن يجب ان تركز على الدراسه التي يجب ان تكون هي الاساس ” .. .. ولهذا السبب دائما كانت تصر ان يكون اللقاء في احد المكتبات و أماكن الدراسه .
.. وفي عام 1975 أنهت خطيبتي دراسه التمريض وقامت فورا بالتسجيل في كليه الطب في السنه الاولى في نفس جامعتي : جامعه بلنسيا……..
… . وحالا بعد حصولها على شهاده التمريض وتسجيلها في السنه الاولى في كليه الطب قررنا ان نتزوج … واخذنا القرار ان يكون الزواج في العاصمه الاردنيه عمان عند أهلي وأقربائي والجيران… وارسلت الى والدي بأنني سوف احضر مع خطيبتي الى عمان لكي نتزوج على الطريقه العربيه الاسلاميه .. ولكنه أخبرني ” بان المخابرات تسأل عنك ” فيا ابني لا تحضر الى عمان الا عندما تكون قد انهيت دراستك كليا .. لأنه اذا حضرت وطلبتك المخابرات فقد تتعطل عن الدراسه لوقت طويل قد يكون سنه او سنوات …. واقترح والدي ان نتزوج على الطريقه العربيه الاسلاميه في مدينه بنغازي الليبيه حيث تعيش شقيقتي ام أحمد وزوجها وأولادها بالأضافه الى وجود ابناء خالي ابو حسن وخالي سليم ابو محمد وأقرباء وأصدقاء آخرون .. لذلك قررنا ان نتزوج في بنغازي – ليبيا.. وجهزنا انفسنا الى السفر وقبل ذلك قمنا بتسجيل زواج مدني في المحكمه في مدينه بلنسيا بوجود شهاد من عائلتها .. ولكن والده العروس كانت ترفض ان نذهب هذه المسافات بدون ان نكون متزوجين بشكل حقيقي وتقول انه لا يجوز ذلك وقالت انها تشعر بعدم الرضى ولا تعتبرنا متزوجين الا اذا تزوجنا في الكنيسه .. وفكرنا بعض الوقت و لكي لا تغضب والدتها قمنا بطلب من الكنيسه القريبه من بيت الخطيبه وسط مدينه بلنسيا والتي كان اسمها : كنيسه
( Parroquial de EL SANTO ANGEL CUSTODIO de VALENCIAI
( بان تعطينا موعد لتسجيل الزواج في الكنيسه واعطونا موعد بعد اسبوع .. وذهبنا في الموعد برفقه حوالي خمس عشر شخصا من عائله خطيبتي واقيم حفل صغير للزواج في الكنيسه …. وأتذكر تماما ان الخوري الاب كاهن الرعيه في الكنيسه قال : اهلا وسهلا بكم .. ” وما في اي مانع لزواج ماريا ازابيل سوريانو من نعيم ابو نبعه لاننا جميعا عندنا نفس الرب فهو نفس الرب للمسيحيين وللمسلمين ولليهود وللعالم كله .. هو الله نفسه للجميع.. كلنا نعبد الله نفسه ” وانتهى الحفل خلال نصف ساعه وخرجنا مبسوطين من الخوري بهذا الكلام الرائع وكان ذلك في الرابع من شهر تموز يوليو 1975.. وهنا ظهر الانبساط على وجه والده خطيبتي وقالت الآن اعتبركم متزوجون وليس سابقا في المحمكه…وبعد الخروج من الكنيسه قامت ام العروس بدعوتنا الى تناول الغداء مع بعض الاقرباء في مطعم على شاطئ بحر بلنسيا والذي يقع على بعد 2 كيلومتر فقط من وسط المدينة …
…بعد ذلك بدأنا بالتخطيط للسفر الى بنغازي – ليبيا لعقد القران هناك على الطريقه العربيه الاسلاميه وسافرنا الى مدينه برشلونه لنأخذ السفينه من برشلونه الى مدينه البندقيه ( فينيسيا ) الايطاليه ..وفي برشلونه قابلنا ابن العم العزيز الدكتور علي ابو نبعه ( رحمه الله ) والذي حضر للتسليم علينا وأعد لنا غداء جميل وفاخر… ومكثنا معه بعض الوقت ثم ركبنا السفينه في اتجاه مدينه البندقيه الايطاليه ( فينسيا ) لكي نلتقي مع اخي محمد أمين ( ابو صهيب ) الذي كان يدرس الهندسه في ايطاليا ..الذي استقبلنا بحراره .. ولكنه اعرب عن غير رضاه باننا نسافر مع بعض بدون زواج ..وان هذا غير مقبول فشرحت له اننا تزوجنا في المحكمه أولا وفي الكنيسه ثانيا وان الزواج الحقيقي سيكون في بنغازي – ليبيا … فقال : انا غير مرتاح واعتبركم غير متزوجون وسفركم هذا حرام .. فقالت له خطيبتي ماذا تقترح فاجابها عليكم الزواج شرعا على الطريقه الاسلاميه هنا .. فقالت ما عندي مانع .. وفي اليوم التالي أخذنا اخي محمد أمين الى المركز الاسلامي في ايطاليا ( الذي كان هو عضوا فيه ) وجمع حوالي اربعين من اعضائه ومعظمهم من الطلاب الاردنيين والفلسطينيين والسوريين والمغاربه يدرسون الطب أو الهندسه وكان من بين الحضور والشهاد على عقد الزواج في احدى القاعات التابعه للمركز الاسلامي في مدينه جنوه – ايطاليا الزميل الدكتور احمد المحادين (من الكرك ) والذي التقي معه في عده مناسبات في الكرك وفي عمان ودائما يذكري بزواجي في ايطاليا وأنه كان من الشهود الذين وقعوا على عقد الزواج .. وتم عقد القران لنا على الطريقه الاسلاميه ودفعت مهرا للعروس بالعمله الايطاليه ( الفين ليره ايطاليه ) وقامت العروس بدعوه جميع الحضور الى المقهى المجاور ليتناولوا ما يشاوؤن بكامل مهرها …. نعم دفعت كامل مهرها في المقهى لكي تبسط الجميع .. وكان ذلك في يوم السابع من شهر تموز يوليو من عام 1975..
… .. وبعدها وبالتحديد في التاسع من شهر تموز يوليو 1975 استقلينا الطائره المتجهه الى طرابلس – ليبيا لعدم وجود خط مباشر الى بنغازي ووصلنا طرابلس مساء وبدئنا نبحث عن فندق فلم نجد اي مكان في اي فندق لأنها كانت كلها مشغوله حيث كان هناك اجتماع للشباب العرب في طرابلس ونشاطات اخرى .. وبقينا ساعتين ونصف نبحث عن مكان ووجدناه أخيرا ولكن غير صالح للمكوث به لأن الغرفه غير نظيفه والشبابيك بدون ستائر ومكشوفين من مختلف الزوايا ولكننا قبلنا ان نمكث في هذا المكان الى الصباح في ظروف صعبه جدا .. وثاني يوم اخذنا طائره الى بنغازي وكان يوم الاثنين ولم يكن في استقبالي اي انسان لأنني كنت قد اخبرت اختي ام احمد وزوج اختي ابو احمد ( رحمه الله ) باننا سنصل الى بنغازي يوم الاربعاء ..
… وأنا احب المفاجئات فوصلنا الاثنين الثامنه مساء واخذنا تكسي الى باب البيت وصعدت الى الطابق الثاني وقرعت الجرس وفتحت الباب ابنه اختي “خوله ” وكانت صغيره في الصفوف الابتدائيه وسألتها وأنا على الباب قبل الدخول وبصوت منخفض جدا ” هل تعرفي خالك نعيم ” ؟ ؟…. وفي تلك اللحظه سمعت اختي ام احمد تصيح بصوت عالي :
………. أخوي نعيم . أخوي نعيم اخوي نعيم اخوي نعيم وتبكي بشده من فرحها بوصولي الى بيتها ..
… ويا لها من فرحه لقاء كبيره وعظيمه ومؤثره بعد غياب ثمانيه سنوات حيث كان لقاء اختي أم أحمد وزوجها أبو احمد (الذي كنا نعتبره أخينا الكبير واستاذنا الفاضل الكريم وصديق عزيز للوالد رحمهما الله واسكنهم الجنه ) وفرحه لقاء أبناء اختي ام احمد ..وحالا بعد دقائق بدأت الطبله والاغاني التي استمرت الى ساعه متأخره من الليل …….. وكان قد وصل الى منزل شقيقتي قبل يوم من وصولي ابن عمي عبدالله مطر ابو نبعه القادم من لندن في زياره لبنغازي. ..
… وخلال يومين قاموا باجراء اللازم لأقامه حفل زفاف عربي اسلامي كامل بحضور عدد كبير من الاقارب والاصدقاء والجيران
وأحضروا الشيخ الى المنزل لكتب الكتاب .. وتم عقد قراننا والحمد الله …. وكانت خطيبتي سعديده جدا بالتعرف على شقيقتي واولادهم وعلى الاقرباء المتواجدين في بنغازي …
…” طبعا كان هذا هو عقد القران الرابع على “خطيبتي الدكتوره الاسبانيه ماريا ازابيل سوريانو ” وهو العقد الذي التزمنا به منذ البدايه … وكان ذلك في الخامس عشر من تموز يوليو 1975 ميلادي واصبحت زوجتي منذ ذلك الحين …..
مكثنا في بنغازي بعد الزواج حوالي عشره أيام .. وعدنا بعد ذلك الى بلنسيا .. حيث كنت أسكن في بلنسيا : في شارع بالقرب من كليه الطب ………. (شقه رقم-Calle PADRE URBANO ( 18 ) —14 على بعد حوالي 350 متر من كليه الطب.
=========== =======================
… … وبعد العوده الى منزلنا في بلنسيا قامت زوجتي بالتعاقد مع احدى المستشفيات الهامه والكبيره في بلنسيا.
. ( Hospital de la FE de Valencia )
للعمل فيه كممرضه قانونيه براتب ممتاز . وطلبت مني بشده ان اكتب لأهلي بأن وضعنا المالي ممتاز واننا والحمد الله نغطي كامل مصاريفنا ونوفر كثيرا وانه لا داعي لأن يرسل والدي اي نقود لي اعتبارا من ذلك اليوم ( وكان والدي ” رحمه الله واسكنه الجنه ” في ذلك الوقت يرسل لي ( 25 ) دينار شهريا وكنت مقتصدا جدا وكانت اسبانيا في ذلك الوقت رخيصه جدا مقارنه باوروبا و وبقيت محاصره من الدول الغربيه معتبرينها دوله دكتاتوريه تحت حكم دكتاتوري ” فرانكو ” فرانثيسكو فرانكو بوهاموند هو جنرال وديكتاتور إسباني أحد قادة انقلاب سنة 1936 للإطاحة بالجمهورية الإسبانية الثانية التي أدت إلى الحرب الأهلية الإسبانية وبعد ذلك حكم إسبانيا حكما ديكتاتوريا بدءا من 1939 إلى 1975، ملقبا نفسه بالكاوديو أو الزعيم. – رئيس الدولة – حتى وفاته سنة 1975، ورئيس للحكومة سنوات 1938 – 1973. ))
……… واصبحت زوجتي وفي نفس الوقت طالبه الطب سنه اولى وموظفه كممرضه تعمل ثمانيه ساعات يوميا في مستشفى
( Hospital de la fe de Valencia )
وتصرف براتبها على المنزل..
……. وكان اصرارها على العمل اليومي كممرضه بالرغم من كونها طالبه طب كان ناتج عن شعورها مع أهلي في عمان ووضعهم الاقتصادي الضعيف وخاصه ان أخي ” محمد امين ” كان يدرس الهندسه في ايطاليا واخي الثالث “عدنان ” كان قد بدأ بدراسه الهندسه في يوغسلافيا وكانت تعرف ان والدي يعمل بوظيفه متواضعه جدا في وزاره الصحه بعمان ………. لذلك قامت بالاضافه الى دفع مصاريف البيت كامله .. قامت باعطاء امر الى البنك لارسال ربع راتبها شهريا الى اخي عدنان في يوغسلافيا وهذا القرار استمر منذ زواجنا عام 1975 الى منتصف عام 1982 حين عدنا بشكل نهائي الى الاردن . ..
……..وكان والدها بين الحين والآخر يطلبها ويستفسر كيف تعمل ممرضه ثمانيه ساعات يوميا وتدرس طب وعندها اولاد ؟ ويقول اذا كانت المشكله في النقود فهو مستعد تماما .. فتيجبه زوجتي أن ابو نعيم عنده فلوس كثير وان نعيم يستلم نقود كثير وانها تعمل لأنها تحب العمل وليس من أجل النقود ..
… . ونتيجه لعدم استطاعتي ترك اتحاد الطلبه وترك الاعمال السياسيه في بلنسيا مما يجبرني على تضييع الوقت كثيرا وعدم التركيز في الدراسه .. ونظرا لصعوبه الأساتذه في بلنسيا قررت تغيير الجامعه الى مدينه مورثيا .. ولكن الدراسه كانت اصعب في مورثيا مما جعلنا نغير الجامعه الى جامعه برشلونه عام 1976..
… وفي صيف عام 1978 وبعد ان كنت قد انهيت دراسه الطب وأصبحت اتخصص في قسم الجهاز الهضمي والكبد في المستشفى الجامعي في برشلونه قررنا أن نتوكل على الله ونذهب لزياره الاهل في عمان – الاردن ( بعد غيابي احد عشر عاما ) ووافق ابي على الزياره لأنه مهما صار معي مع المخابرات فشهاداتي الجامعيه معي و في جيبي …ولن أخسر كثيرا ..
.. …… وعندما حطت الطائره في صيف 1978 في مطار ماركا وحالا وقبل نزول أي شخص من الطائره صعد شخص يلبس لباس المطار ” ويشبه ضباط المخابرات ” وقال اين الدكتور نعيم ابو نبعه ؟ ..قلت نعم أنا نعيم ابو نبعه .. قال اين المدام الدكتوره ماريا ازابيل قلت ها هي زوجتي .. قال أعطيني جواز سفركم .. وهنا غضبت وقلت له : يا أخي “خليني أشوف ابي وامي و أهلي الذين ينتظروني في المطار وبعدها خذني وين ما بدك .. فقط اريد مشاهده ابي وامي واخوتي واخواتي في المطار وبعدين ساوي اللي بدك اياه ” ..فاجابني انا جاي أساعدك .. لا تقلق انا جاي اساعدك ولقد طلب مني والدك أن اقوم بالواجب .. قلت له “يا اخي لا تضحك علي فانا مش صغير واعرف كل شيئ ” .. فاخذني الى شباك الجوازات وقال لهم ارجوا ان تختموا جواز السفر هذا دكتور وزوجته دكتوره اسبانيه .. ففتحوا دفاتر مكتوبه بخط اليد فيها أسماء كثيره كانت موجوده معهم ونظروا سريعا اليها وقاموا بختم جواز سفري وزوجتي .. وبعدها قلت له ” ” يا اخي قبل ما تأخذوني اريد مشاهده اهلي في المطار وأعطيهم زوجتي “.. فأجاب لا تقلق الامور ماشيه كويس جدا …فأجبته لا تستهزء بي كثيرا كفى .. كفى .. يا اخي اريد اولا مشاهده اهلي .. ولكنه وبشكل سريع بحث عن أمتعتي واخذني الى مكان آخر من المطار وهناك بدأت ابكي بصوت عالي عندما شاهدت ابي وامي واخواتي و حوالي خمسون شخصا من اقربائي واصدقاء الوالد والجيران وكان موظف المطار الذي استقبلني في الطائره صادقا انه جاء لمساعدتي وانه ابن بلدتي الزاويه – نابلس وهناك نوع من القرابه مع ابي و هو موظف في المطار وهو الاستاذ الفاضل ” اسماعيل ابو زر المحترم ” الذي أكن له كل الاحترام والتقدير والمحبه واتذكر هذه القصه كثيرا جدا … واتذكر هذا الانسان الرائع الذي ساعدني وساعد أهلي . و حاليا يزورني كثيرا الى يومنا هذا .. ” وكل ما ازورمنطقه ماركا اتذكر هذه الحادثه واتذكر صديقنا الاستاذ اسماعيل ابو زر المحترم “…
.. طبعا بقينا في عمان حوالي عشرين يوما وبعد ذلك رجعنا الى برشلونه لكي اكمل تخصصي في امراض الجهاز الهضمي في المستشفى الجامعي في برشلونه .
——————— —————————— —————————— ——————- ————
… واستمرت زوجتي ماريا ازابيل بدراسه الطب والعمل كممرضه في المستشفى وتدفع كل مصاريف المنزل بالرغم من انجابها ولدين وبنت ( اولادي يوسف وغسان وابنتي يافا ) خلال فتره دراسه الطب .. وانهت زوجتي دراسه الطب في سبع سنوات والحمد لله .. .. وكنت لا استطيع العمل بشكل رسمي وقانوني لأنني لم اكن احمل الجنسيه الاسبانيه ومتمسكا بجنسيتي الاردنيه وأرفض تقديم طلب للحصول على الجنسيه . .. .. ولكنني اقتنعت أخيرا انه لا مانع من حصولي على الجنسيه الاسبانيه مع الاحتفاظ بالجنسيه الاردنيه وقدمت طلبا بذلك .. واتذكر انه بعد حوالي الشهر من تقديم الطلب حضر ثلاثه اشخاص من المخابرات الاسبانيه الى منزلي ( في برشلونه Calle San Acisclo 35-f-7-2 ) وبدون موعد مسبق ولم يدخلوا الى الشقه لكنهم وعلى الباب سألوني عده اسئله عن حياتي وماذا ادرس وكم يصل نقود شهريا من والدي وعن جنسيتي ومن ثم غادروا بعد اقل من سبعه دقائق ..ولكن بعد ثلاثه اسابيع حضر الى مستشفى الجامعه في برشلونه الى العيادات الخارجيه للمستشفى ثلاثه أفراد وطلبوا من التمريض مقابلتي وكنت أفحض مرضى في العياده وانتظروا حوالي نصف ساعه وبعدها سمحت لهم بالدخول واذا بهم من المخابرات العامه الاسبانيه وجلسوا معي حوالي الساعه والنصف .. .. وكان معهم أوراق مطبوعه فيها سجل يحتوي على جميع المعلومات عني بدقه كامله وصحيحه وبدؤا يسألونني عنها واحده تلو الاخرى وكنت اجيبهم بنعم لأن المعلومات عني كانت معروفه وعلنيه من القاء محاضرات وندوات ومشاركه احيانا في مظاهرات لصالح القضايا العربيه والاسبانيه
.. كما وكانت تجرى معي مقابلات كثيره في الصحافه حول القضايا العربيه و لقاءات اخرى في الاذاعه الاسبانيه في برشلونه.. لذلك كل شيئ كان علني تقريبا ولكنني لم أجيب بالشكل الصحيح على بعض الاسئله الدقيقه التي لا اريد ان افصح عنها وعددها ثلاثه اسئله صغار..وبعد ساعه ونصف من الحوار سئلوني سؤال : ” طيب يا د. نعيم اذا منحناك الجنسيه الاسبانيه فسوف تتوقف عن هذه المواضيع وسوف يكون انتمائك لاسبانيا وتنسى قليلا الاردن وفلسطين وغيرها “..وهنا تم استفزازي بهذا السؤال فقلت لهم : سوف ابقى احب اسبانيا سواء حصلت على الجنسيه ام لم احصل .. ولن انسى أبدا مساعدتي ودعمي من قبل الشعب الاسباني ومواقفهم الجميله الرائعه معي طوال هذه السنوات الطويله .. ولكن ان حصلت على الجنسيه الاسبانيه فان مواقفي لن تتغير على الاطلاق من القضايا العربيه والاسلاميه وعلى راسها القضيه الفلسطينيه العادله.. فهي قضيه عادله بامتياز والمفروض ان يأتي الدعم لها من الجميع … .وأضفت اني اوجه سؤال لكم : اذا غزت المانيا او ايطاليا اسبانيا وطردتكم منها وعشتم لاجئين في بلد آخر و حصلتم على جنسبتها فهل فستنسوا اسبانيا ؟ : اجابوا طبعا سوف لا ننسى ونبقى ندافع عنها دائما
.. بعد ذلك تحدثت اليهم لمده خمسه دقائق عن القضيه الفلسطينيه ( والحقيقه انني لم اكن مهتم بالحصول على الجنسيه الاسبانيه لأنني أكملت دراستي وتخصصي و حصلت على كل ما اريد من اسبانيا وكنت قد اخذت قرارا بالعوده الى بلدي الاردن في أقرب وقت ممكن للعيش مع اهلي واصدقائي وجيرانبي وابناء بلدي ) وبعد ا انتهاء اللقاء مع وفد المخابرات الاسبانيه وقفوا الثلاثه ليصافحونني ويشدوا على يدي ويشكروني على صراحتي وصدقي ولنكهم قالوا لي ” يا دكتور اخفيت عنا الجواب الصيح لثلاثه أسأله صغيره ..ولكننا نتفهم ذلك وسوف ننصح في تقريرنا باعطائكم الجنسيه الاسبانيه في وقت قريب .. وخرجوا مبتسمين من عيادتي ..
وفي يوم 13 – مايو أيار – 1982 صدر قرار وزاره العدل في مدريد بمنحي الجنسيه الاسبانيه .. وحصلت على اول هويه اسبانيه والتي تصدر للمواطنين الاسبان وكان اسمي في الهويه ” نعيم ابو نبعه عبد الهادي ” لأن الاسماء في اسبانيا تسجل بالاسم الاول ” نعيم ” ثم اسم عائله الوالد ” ابو نبعه ” وبعدها اسم عائله الأم ” عبد الهادي ” وكان من حقي تعديل اسمي كما اشاء خلال ثلاثه أشهر من منحي الجنسيه فقدمت طلب الى وزاره العدل بتعديل اسمي الى نعيم يوسف ابو نبعه وتمت الموافقه فورا على التعديل .. .. وبعد حوالي اسبوعين وقعت عقد عمل كأخصائي جهاز هضمي في وزاره الصحه الاسبانيه في برشلونه ( للعمل في منطقه. FELIU DE LLOBREGAT . S ) المريحه جدا حيث يصل المترو الى باب عملي في العيادات ..
———————————- ——————————————— ——————————- —
… وفي تشرين اول اكتوبر من نفس العام 1982 اخذنا قرار بأن الوقت قد حان للعوده النهائيه الى بلدنا الاردن .. وهنا قالت والده زوجتي الله يوفقكم اينما كنتم ” اذا انتم مبسوطين فأنا مبسوطه . “. ولكن والدها بدأ يجلس معنا كثيرا ويتسائل : ؟ لماذا يا نعيم تريد العوده الى الاردن بالرغم انك حصلت على الجنسيه وعلى وظيفه ممتازه وراتبك الشهري ممتاز وزوجتك انهت الطب وحاليا تعمل براتب ممتاز وعندك ثلاثه اطفال … ووضعكم هنا تمام التمام والوضع في الاردن والبلاد العربيه غير مستقر وها هي أحدى شققي شقتي الكبيره في وسط المدينه ( Calle Mesre Racional –9 — Valencia ) لكي تفتحوا فيها عياده لكما.. فأجابته زوجتي : يا أبى ان نعيم ارسله والده للدراسه والتخصص ولقد انهى كل ما يريد من اسبانيا واني اشجعه كثيرا للعوده الى اهله ووطنه فانهم في انتظاره فسكت والدها وهز رأسه وبعد دقائق قال ” يا نعيم أنت تريد العوده الى بلدك فهذا جيد لأهلك ووطنك .. لكن يا نعيم لا اريد ان اسمع انك ذهبت في يوم من الأيام للعمل في الكويت او ليبيا او السعوديه فسيكون هذا غير مقبول ..
.. وبعد حوالي الاسبوع عدنا بشكل نهائي الى الاردن مع زوجتي الدكتوره ماريا ازابيل سوريانوا وابنائي يوسف وغسان وابنتي يافا .. وهنا بدأت فتره جديده من الحياه …
…وصلنا الى عمان قادمين من مدريد في يوم الثاني عشر من تشرين اول اكتوبر 1982 مع عدد كبير من الشنط والكتب وجميع محتويات المنزل القابله للحمل.. ونزلنا من الطائره وذهبنا الى الجوازات فدققوا كثيرا جدا واخيرا قاموا بحجز جواز سفري واعطوني ورقه لمراجعه المخابرات العامه في العبدلي خلال 24 ساعه ..
… ولقد وجدنا سكن عند والدي في الاشرفيه بجانب جامع ابو درويش شارع حاتم الطائي رقم في 86 ( السكن كان نصف التسويه ) لمنزل والدي ( يعني حوالي ستين متر مربع ) محاطه بسلسله من الحجاره ومدخلها ترابي وقمنا بتأثيثها بأثاث متواضع جدا ومستعمل ..
.. . . وبالطبع ذهبت ثاني يوم الثامنه صباحا الى دائره المخابرات العامه في العبدلي وبعد انتظار طويل قابلوني وكان الاستجواب لمده حوالي ساعتين وكانت معلوماتهم و أسألتهم مطابقه تماما للمعلومات والأسئله التي ٍسألوني بها افراد المخابرات الاسبانيه قبل حصولي على الجنسيه الاسبانيه …. تقريبا نفس الاسئله وكنت اجيب نفس الأجوبه التي اعطيتها للاسبان لأن نشاطاتي في اسبانيا كانت معروفه وعلنيه ولا استطيع ان أخفي شيئ الا بعض المواضيع الدقيقه ( يعني اخفاء حوالي 5%. من المعلومات).. وبعدها اعطوني ورقه لمراجعه المخابرات ثاني يوم وهكذا استمر الامر بمراجعه المخابرات العامه في العبدلي حوالي أربعه أشهر ( خمسه أيام في الاسبوع تقريبا ) وكنت خلالها بدون جواز سفر وبدون هويه وطبعا اصبحنا في عام 1983 . وبعد حوالي اربعه اشهر من المراجعات والتحقيقات قالوا لي انك غير متعاون معنا وتخفي عنا معلومات وأمروا بوضعي في الزنزانه في مخابرات العبدلي حيث مكثت ثمانيه أيام وكان معي في الزنزانه ثلاثه اشخاص كنت اعتبرهم كلهم من المخابرات وعندما كانوا يقتربوا مني ويسألوني عن اوضاعي وسبب التحقيق معي كنت اجيبهم بنفس الاجوبه التي اصرح بها للمحققين .. وفي اليوم السابع طالبت بمقابله وزير الصحه ونقيب الاطباء لأنني اعتبرت نفسي مظلوم وعندي فحص المجلس الطبي الاردني في تخصص الجهاز الهضمي وكان أول امتحان في تخصص الجهاز الهضمي يعقده المجلس الطبي الاردني للجهاز الهضمي … وبعد نقاش طويل مع محققي السجن اخرجونا من الزنزانه ووصلت منزلي في الاشرفيه حوالي الثامنه مساء ووجدت البكاء من الجميع بلا استثناء فرحا بعودتي للمنزل وخروجي من الزنزانه.. و لم استطيع النوم في تلك الليله ولكنني في الصباح الباكر في الثامنه صباحا وصلت الى قاعه امتحان المجلس الطبي الاردني في تخصص الجهاز الهضمي وكنت انظر الى جميع المراقبين معتقدا ان من بينهم قد يكون احد رجال المخابرات .. وقدمت الامتحان الذي قد تكون نتيجتي فيه أقل من صفر لأنني لم استطيع النظر الى الاسئله نتيجه وضعي النفسي وعدم استطاعتي النوم طوال الليله .. ..
… واستمرت دعوتي للتحقيق بين الحين والآخر وفي هذه الفتره كان والدي دائما يبحث عن واسطه هنا أو هناك لكي احصل على جواز سفري واستعمل والدي كل الأساليب الممكنه وطلب المساعده من عدد كبير من المسؤولين وكبار البلد الا انه لم يستطيع ايجاد حل .. .وكانت شقيقتي ام احمد قد عادت هي وزوجها واولادها من بنغازي الى عمان بشكل نهائي .. فطلب مني ابا احمد زوج اختي ان اترجم شهاداتي وشهادات زوجتي الى العربيه واصدقها حسب الاصول واعمل نسخ طبق الاصل وذلك لكي نرسلها الى اللجان الشعبيه المسؤوله عن الصحه .. وهذا ما تم فقام بارسال طلبات توظيف لي ولزوجتي الى اللجان الشعبيه في جميع المدن الليبيه الكبيره .
…….. وبعد حوالي الشهر والنصف جائت رساله لي من اللجنه الشعبيه في بنغازي – ليبيا تحتوي على تعاقد لي ولزوجتي للعمل في بنغازي – ليبيا .. وأستلمت مكالمه من السفاره الليبيه في عمان لنقوم بتوقيع عقد العمل لي ولزوجتي للسفر الى بنغازي للعمل في الشؤون الصحيه هناك… فذهبت الى السفاره الليبيه في عمان وطلبت منهم وثيقه تبين انه تم التعاقد معي … وحصلت عليه سريعا وذهبت بها الى المخابرات العامه فرفضوا اعطائي جواز السفر للعمل في ليبيا .. رفضا قاطعا … وهنا بدأ والدي مره اخرى بالبحث عن حل وذلك بالاتصال مع شخصيات اردنيه مختلفه هنا وهناك وشرح الموضوع لهم طالبا المساعده ولكنه لسوء الحظ لم يستطيع .. لذلك ذهبت الى السفاره الليبيه عده مرات طالبا تأجيل التوقيع على عقد العمل والسفر الى ليبيا بحجه ان ابني عنده زكام ومره اخرى ان ابني الثاني عنده زكام حاد .. الخ وخلال هذه الفتره كان والدي رحمه الله يزور مسؤولين كثيرون ويبحث عن واسطه للحصول على جواز سفري ولكنه لم ينجح .. وفي آخر زياره للسفاره الليبيه لطلب تمديد وقت التوقيع على العقد: ” وكنت دائما أحمل ملف كامل فيه شهاداتي مترجمه الى العربيه ومختومه من وزاره الخارجيه وفيه نسخه طبق الاصل عن شهاداتي الجامعيه و خبرتي كامله ومختوم .. …. .. مشيت وأنا افكر ومشغول البال في جبل عمان مصطحبا معي اختي الصغيره (اميره) امشي وامشي ولا اعرف ماذا اعمل وصلت الى منطقه في جبل عمان ووجدت ان هناك عماره كبيره يتجمهر عليها عدد كبير جدا من المواطنين يصل عددهم الى اكثر من مئتين شخص .. فأصابني الفضول وسألتهم ما هذا التجمع الكبير فأفادوني بانهم مجموعه كبيره من الاطباء حضروا للمقابله من اجل العمل في السعوديه.
.. فذهبت حالا الى الشباك وقدمت ملفي الذي يحتوي على صوره طبق الاصل من شهاداتي وخبرتي فاستلمه الموظف وبحث في قائمه اسماء مطبوعه عنده واجابني آسف لا استطيع قبول الملف لأن اسمك غير موجود في القائمه وان هذه القائمه كانت قد وصلتنا من وزاره الصحه ونقابه الاطباء وعددهم حوالي مئتين لنأخذ منهم فقط ثمانيه عشر طبيب من مختلف التخصصات ..اعتذر لان اسمك ليس من بينهم فقلت له انا بحب السعوديه واحب مكه والمدينه واريد ان اعمل في السعوديه فقال لي اتأسف غير ممكن ….فخرجت غاضبا .. ولكنني عدت له بعد حوالي ثلث ساعه وقلت له يا اخي انا بحب السعوديه فهي اراضي مقدسه وانا دائما احلم بالعمل في السعوديه فقام بالاتصال مع اللجنه المخوله بالمقابلات فرفضوا وقالوا له اننا لن نستطيع مقابله الا عدد محدود وسوف لا نستطيع مقابله 200 طبيب …فاعتذر الشخص مره اخرى وقال آسف يادكتور لا استطيع قبول ملفك …….فغادرت المكان لكنني عدت بعد ربع ساعه للشخص نفسه وقلت له انني احب العمل في السعوديه كثيرا فاعمل خير واقبل ملفي …..فاجابني يا دكتور شايفك مشعوط .. تحضر للمره الثالثه خلال اقل من ساعه ؟؟ .. قلت له نعم ارجوا المساعده فنظر الي وقال هذا الملف فيه شهاداك وخبرتك ومختومه ولكن اذا وضعته بين الملفات وفقدت اوراقك فلا تسألني عنه .. سوف اضعه بين الملفات .. قلت له لا يوجد مشكله لانه صوره طبق الاصل ..فأخذه ووضعه بين الملفات وبقيت انتظر الى حوالي الثانيه ظهرا واذا بهم ينادونني نعيم يوسف ابو نبعه فدخلت وقابلت اللجنه المكونه من اربعه اعضاء التي اطلعت على الملف وسألتني أسئله طبيه كثيره متعدده وأجبت ما اعرفه فقال المسؤل عن المقابلات اوراقك وشهاداتك جيده ومطلوبه عندنا ومعلوماتك جيده لكن لا تصلح للعمل في السعوديه قلت لماذا فأجابني بأن لغتك الانجليزيه ضعيفه .. وكل شيئ في السعوديه في المستشفيات بالانجليزيه حيث ان هناك اطباء من مختلف دول العالم ويكتبوا في الملفات كل شيئ باللغه الانجليزيه .. فقلت له انني قادم من اسبانيا التي عشت فيها خمس عشر سنه ممتاليه ونسيت اللغه الانجليزيه وسوف اقوم بعمل كورس لغه انجليزيه لأصلح الوضع فقالوا اعتقد ان هناك صعوبه في قبول طلبكم . وخرجت تعيسا وغاضبا .. وعدت بعد ثلاثه ايام فوجدت على لائحه السفاره قائمه بأسماء المقبولين الثمانيه عشر وطرت فرحا عندما وجدت اسمي أول اسم في القائمه أول اسم .. للعمل اخصائي باطنيه – جهاز هضمي ..
…. وحالا طلبت وثيقه منهم بأنه تم التعاقد معي للعمل في السعوديه و حصلت عليها خلال دقائق وأسرعت الى دائره المخابرات العامه وقابلت الضابط المسؤول وشرحت له معاناتي منذ سبعه أشهر وبعد تردد لمده خمسه دقائق قال : نعم للعمل في السعوديه نعم و طلب من رفيقه اعطائي جواز السفر وقال لي اننا سوف نتابعك ونراقبك .. واخذت جواز السفر وأنا لا اصدق ذلك وسريعا خرجت وبالطبع كان يرافقني دائما شرطي من المخابرات وعندما اوصلني الى الباب الخارجي تذكر شيئا و قال : دكتور دكتور لنرجع الى الضابط واطلب منه ” كف طلب ” لأنك اذا لم تأخذ كف طلب سوف يتم ترجيعك من المطار.. وهذا ما تم . ذهبت حالا واخذت كف طلب.. ورجعت الى السفاره فوضعوا لي فيزا الدخول لي ولزوجتي واطفالي…………………………………………… … …….. وثالث يوم وبالتحديد يوم (التاسع من شهر حزيران عام 1983 ) سافرت الى الرياض — المملكه العربيه السعوديه.
……………. .. نزلنا من الطائره وكان الجو حار جدا حيث كانت درجه الحراره حوالي 40 درجه وكان في انتظارنا ابن العم الدكتور عبد الجابر ابو نبعه استشاري امراض وجراحه العيون وابن العم الاستاذ عباس مطر ابو نبعه وعدد من ابناء بلدتنا .. ومكثنا يومين وبعد ذلك توجهنا الى المدينه المنوره …… وهناك بدأت بمشوار طويل وعملت انا وزوجتي لمده ثلاثه عشر سنه في السعوديه بالرغم من صدور عفو ملكي عني وعن مجموعه اخرى اصدره جلاله الملك حسين رحمه الله عام 1989.. وفي السعوديه حدث الكثير من الاحداث في خلال ثلاثه عشر سنه تكتب بصفحات .. ولكن الفيسبوك لا يسمح بالكتابه اكثر من ذلك لأن عدد الكلمات المسموح بها انتهى تقريبا وعندي الكثير للتحدث عن عملي في السعوديه .
.. . .. وعدت الى ارض الوطن عام 1995 ميلادي ومنذ ذلك الحين الى الآن اعمل في عيادتي الخاصه في جبل عمان الدوار الخامس بجاب المركز العربي الطبي .
…….. والحمد لله رب العالمين على خيراته التي لا تعد ولاتحصى.
.. وتجربتي في عمان خلال ال ( 28 ) سنه الماضيه مليئه بالاحداث التي فيها المر وفيها الجميل جدا وبحاجه الى صفحات وصفحات.