فرط في النمو البكتيري في الأمعاء الدقيقة
( التكاثر البكتيري في الامعاء الدقيقة) Small Intestinal Bacterial Overgrowth
بقلم د. نعيم ابو نبعه
إستشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد
من الطبيعي أن تتواجد كمية من البكتيريا الطبيعية بشكل دائم في الأمعاء الدقيقة والتي عادة ما يكون لها فوائد عديدة تتعلق بالهضم والمناعة …
ولكننا نتحدث عن هذا المرض عندما يكون هناك زيادة مفرطة في عدد أو تغير كبير في نوع البكتيريا المتواجدة في الأمعاء الدقيقة …
يبلغ طول الأمعاء الدقيقه حوالي سته امتار
ومن المعروف ان نشاط عضلات الأمعاء وحركتها يعتبر من العوامل الهامة في هضم المواد الغذائية … ولكنه كذلك مهم من أجل دفع جراثيم الأمعاء الدقيقة الى الخارج لتصل الى القولون وبذلك نقلل من كمية جراثيم الأمعاء الدقيقة …وان اي سبب يؤدي الى تباطؤ وخلل في النشاط الطبيعي لعضلات الأمعاء الدقيقة يؤدي بلا محالة الى فرط في النمو البكتيري في الامعاء الدقيقة لأن هذا الخلل يؤدي الى مكوث البكتيريا وقت اطول في الامعاء الدقيقة وهذا يساعد على تكاثرها بشكل سريع .. وأن تقليل في حركات الأمعاء يؤدي كذلك الى رجوع عكسي للبكتيريا من القولون الى الأمعاء الدقيقة مما يزيد الحاله سوء …
وهناك عدة ظروف وحالات مرضية تكون مساعدة لفرط النمو البكتيري في الأمعاء الدقيقة من بينها داء السكري … السكليروديرما ( Scleroderma) ( تصلب الجلد) ومرض كرونز وغيرها…
وان وجود عدد كبير من البكتيريا المتواجدة في الأمعاء الدقيقة واستنزافها للمواد الغذائية من أجل نموها وتكاثرها يؤدي الى انقاص كمية المواد الغذائية التي يتم امتصاصها في الأمعاء ، هذا بالإضافة الى عملها في تحطيم المواد الغذائية وتأثيرها السلبي على الغشاء المخاطي حيث يتضرر ويتلف مما يؤدي الى معاناة المريض من الشعور بالإمتلاء ، آلام وتقلصات في البطن ، انتفاخات و شعور بالغازات … اسهالات متكررة ونقص في الوزن ….
وعند الأطفال قد نجد علامات سوء التغذية المتمثلة ببطئ في النمو و اسهالات دهنية ناتجة عن سوء امتصاص الدهنيات .
ومن الجدير بالذكر ان هذه الإعراض قد نجدها في امراض أخرى كثيرة و متعددة مما يجعل التشخيص فيه صعوبة واضحة ..
أسباب فرط النمو البكتيري في الأمعاء الدقيقة :_
اولاً: إن الأشخاص الذين تعرضو لجراحة في الامعاء الدقيقة هم أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بهذا المرض … ومن هذه العمليات : عملية توصيل المعدة مع منطقة الصائم في الأمعاء الدقيقة و عملية استئصال غار المعدة وعملية قطع العصب المبهم .
ثانياً: مرض كرونز : بينت العديد من الدراسات أن حوالي 25% من هؤلاء المرضى يعانون من فرط النمو الجرثومي في الأمعاء الدقيقة نتيجة لمضاعفات المرض المتمثلة بالناسور ، التضيقات ، والإضطرابات في حركة الأمعاء … بذلك نجد أن مجموعة منهم قد تعاني من علامات سوء الإمتصاص المتمثلة بنقص في الوزن و اسهالات متكررة ، والآم وانتفاخات في البطن والتي قد تعطي الإنطباع بأن هناك انتكاسة جديدة في مرض كرونز ولكن السبب في 25% من الحالات يكون هو فرط في النمو الجرثومي وليس انتكاسة في مرض كرونز.
مرض كرونز نتيجه وجود مضاعفات مثل الناصور ..التضيقات .. اصطرابات في حركه الأمعاء
ثالثاً: الأمراض التي تسبب في تقليل الحركة الدودية للأمعاء مثل مرض تصلب الجلد ( الاسكليروديرما ) أو داء النشوانية أو الإعتلال العصبي السكري
_داء السكري قد يتسبب في خلل في العصب المسؤول عن نشاط وحركات الأمعاء الدقيقة .
_تصلب الجلد (السكليروديرما ) لأنها تتسبب في أذى وضرر مباشر في عضلات الإمعاء الدقيقة .
رابعاً: مثبطات الإفرازات الحامضية تعتبر عاملاً مساعداً على حدوث هذه الحالة المرضية.
خامساً: متلازمة الأمعاء القصيرة عندما يتم استئصال جزء كبير من الأمعاء الدقيقة
سادساً: امراض أخرى مثل تكوين الجيوب في الامعاء الدقيقة أو أمراض تسبب إنسداد معوي جزئي مثل التضيقات أو التصاقات أو تكتلات …
من ناحية الجيوب في الأمعاء الدقيقة فقد تستعملها البكتيريا للعيش بداخلها والتكاثر بسهولة بدون التأثر من حركات عضلات الامعاء …
انسدادات معويه … قد تكون السبب في فرط في النمو البكتيري قي الأمعاء
سابعاً: متلازمة العروة العمياء أو العروة المقفلة … تحدث هذه المتلازمة عندما تتكون حلقة مغلقة من الأمعاء يدخلها الطعام ببطئ أو قد يتسبب بانسداد معوي مما يمنع مرور الطعام المهضوم عبر الامعاء … وهذا البطىء في حركة الامعاء المهضوم يؤدي الى تخمر مما ينتج عنه زيادة كبيرة في نمو البكتيريا وبسرعة كبيرة وينتهي الموضوع بتقليل امتصاص المواد الغذائية في الأمعاء .
الأعراض :
اولاً: قد يظهر علامات سوء تغذية عند بعض المرضى لأن وجود كميات كبيرة في الأمعاء الدقيقة من البكتيريا والجراثيم والتي تتغذى ( غذائها) على المواد الغذائية يؤدي عند هؤلاء المرضى الى سوء التغذية
بالإضافة الى الضرر الذي قد تحدثه البكتيريا على الغشاء المخاطي مما يجعل امتصاص المواد الغذائية اكثر صعوبة .
ثانياً: هناك مجموعه من الأعراض الهامه التي قد يشعر بها المريض ومن بينها : _
- شعور بالإمتلاء في البطن
- مغص بطني
- شعور بانتفاخ وغازات داخل البطن
- اسهالات احياناً
- نقص في الوزن في بعض الحالات
وقد يحدث مضاعفات للمرض من أهمها :
- الجفاف
- سوء التغذية الشديد
- نزيف دموي ناتج عن نقص حاد في الفيتامينات
- التهابات في الكبد
- تلين وتخلخل في العظام.
التشخيص :
اولاً: قد يتم التشخيص بواسطة دراسة عينات تؤخذ من محتويات ومن السوائل الموجودة في الأمعاء الدقيقة وفحصها وزراعتها في المختبر للتعرف على نوعية وكثافة البكتيريا الموجودة هناك .
ثانياً: الكشف عن الهيدروجين في الرئة وذلك باختبار الهيدروجين في التنفس لأن الهيدروجين هو أحد نتائج تخمير البكتيريا في الأمعاء .
اختبار تنفس الهيدروجين
ثالثاً: أحياناً نستعمل الأشعة الملونة للأمعاء الدقيقة والتي قد تظهر تضيق في مكان ما أو جيب مقفل أو أي عيب آخر في الأمعاء.
رابعاً: وفي حالات أخرى نطلب اجراء اشعة طبقية للبطن للبحث عن أسباب أخرى قد تكون السبب في هذه الحالة المرضية .
الأشعه الطبقيه قد تساعد على التشخيص
خامساً: وعادة ما نطلب تحاليل دم لمعرفة اذا ما كان هناك فقر دم أو نقص الألبومين في الدم أو قياس لكمية الفيتامينات في الدم .
وأحياناً نبحث عن كمية الدهون في البراز.
سادساً: عند بعض المرضى نضطر لإجراء تنظير هضمي علوي لإستثناء امراض أخرى لأن أخذ عينات خلال التنظير من الأمعاء قد نجد عند بعضهم علامات تشابه الداء الزلاقي أو الحساسية على القمح حيث نجد أحياناً في خزعة الامعاء ضمور في الزغيبات المعوية فتصبح غير بارزة وربما اختفت ( وهذا ما يجعل التشخيص بحاجة الى دراية كافية في المرض).
العلاج:
اولاً: يجب أن يكون الهدف دائماً هو البحث عن السبب وعلاجه وذلك مثلا بإجراء عملية جراحية للعروة المغلقة في حالة وجودها … الخ .
ثانياً: معظم المرضى يستجيبون بشكل ممتاز للمضادات الحيوية المناسبة ، ويستفيدون من الأدوية التي تسرع حركة الامعاء ..ويستفيدون من تناول سوائل بكمية كافية وطعام مغذي وقد نصف لهم فيتامينات بحقن عضلية .
ولكن بعض المرضى الذين يعانون من جفاف يكونون بحاجة الى ادخال الى المستشفى وإعطائهم سوائل وريدية وقد يحتاجون الى تغذية وردية كاملة .
بقلم د. نعيم ابو نبعه
إستشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد