آلام أسفل البطن : بعض الامراض الهضميه التي قد تكون السبب في آلام أسفل البطن .
بقلم الدكتور نعيم ابو نبعة
استشاري امراض الجهاز الهضمي والكبد
تتزاحم الأعضاء و المشاكل في منطقة أسفل البطن نتيجة وجود عدة تجمعات في تلك المنطقة الصغيرة, فمن منطقة المستقيم و القولون و الزائدة الدودية إلى أجزاء من الأمعاء الدقيقة, إلى المسالك البولية و المثانة, إلى المسالك التناسلية عند الذكر و الأنثى, إلى مشاكل عظم الحوض … الخ .
لذلك نجد أحياناً صعوبة في تحديد سبب المغص و الآلام في منطقة أسفل البطن و في بعض الحالات قد يكون التشخيص الصحيح بحاجة الى فحوصات كثيرة ومتعددة و الأهم من ذلك دائماً أخذ القصة المرضية بشكل مفصّل و إجراء الفحص السريري الإكلينيكي بكل دقة و اهتمام .
أما عن بعض حالات الجهاز الهضمي التي قد تكون سبباً لتلك الآلام نذكر منها ما يلي :
القولون العصبي ( القولون الحنون ) :
ظاهرة مرضية وظيفية حركية و ليست عضوية تتميز بمجموعة من الأعراض التي تدل على اضطراب الجهاز الهضمي في غياب أي مرض عضوي و يكون مردها النشاط غير الطبيعي في عضلات الأمعاء و قد يكون الألم في الناحية السفلى اليمنى من البطن أو الناحية السفلى اليسرى من البطن و قد يكون الألم أو المغص شديداً في بعض الحالات و قد يدوم ساعات أو أيام .
و عادة ما يظهر الألم بعد تناول الطعام الذي يزيد الضغط داخل القولون و قد يقل الألم بعد خروج الغائط نتيجة انخفاض الضغط داخل القولون .
مرض التهاب القولون التقرحي السفلي :
و هو مرض مزمن يسبب التهاب حاد في الغشاء المخاطي للقولون بدرجات متفاوتة من الأذى , خاصة منطقة الشرج و المستقيم مع تكوين تقرحات سطحية متعددة غير منتظمة , و يعاني المريض من أزمات من المرض على شكل نوبات متقطعة يشكو خلالها من إسهال مختلط مع دم أو مخاط و مغص أسفل البطن و أحياناً ارتفاع في درجة الحرارة و نقص في الوزن و فقر الدم .
و أحياناً لا يعاني المريض من ألم و قد يكون العرض الوحيد هو نزيف دموي من فتحة الشرج أثناء التبرز أو بعده .
و ورغم كونه مرضاً مناعياً ذاتياً الا أنه لوحظ وجود ارتباط واضح بين هذا المرض و الحالة العصبية والنفسية , و ان تطور الحضارة و صدمات الحياة تلعب دوراً هاماً ( على ما يبدو ) في تهيئة المرض الذي عادة ما يبدأ في منطقة الشرج و المستقيم ثم يمتد الى أعلى ليصيب أحياناً جزء كبير من القولون أو كله . أما تشخيصه فيتم عن طريق اجراء تنظير للقولون و أخذ عينات من المناطق المصابة لدراستها في المختبر .
سرطان القولون الأيسر :
تكون أعراض الجهة اليسرى من القولون ( في حالة سرطان القولون الايسر ) ناتجة في معظمها من صعوبة مرور الغائط داخل القولون بسبب الإنسداد الجزئي الذي يحدث نتيجة زيادة حجم الورم , وفي هذه الحالة يشتكي المريض من :
•ألم و مغص في البطن .
•الإمساك المتزايد الذي قد يتناوب مع الإسهال .
•خروج دم و مخاط مع البراز .
•فقر الدم و نقص الوزن ( من الأعراض المتأخرة للمرض ) .
أما أعراض سرطان القولون الأيمن فتظهر في أغلبية الحالات في وقت متأخر و عادة ما يكون هناك انتشار للورم عند التشخيص لأنه يكون قد مضى وقت طويل على المرض قبل ظهور الأعراض , حيث ان علامات الإنسداد لا تظهر إلا في وقت متأخر و السبب ان سعة القولون هي أكثر في الجهة اليمنى بالإضافة إلى أن البراز (الغائط ) يكون على شكل سائل .
و يكون التشخيص بإجراء تنظير للقولون حيث يمكن مشاهدة الورم بشكل واضح و أخذ عينات منه لدراستها تحت المجهر لمعرفة نوعيته .
الإمساك المزمن :
هو تغيير طبيعة التبرز التي اعتاد عليها الشخص الى مرات أقل أو أن يصبح البراز قاسياً و جافاً مع صعوبة في الإخراج مما يجعل المريض يبذل جهداً و يعاني عند التبرز .
و في حالة الإمساك يشتكي المريض أحياناً من آلام و مغص في البطن مع شعور بثقل و غازات و انتفاخات فيه .
الإسهال :
تختلف العلامات السريرية بشكل كبير من مريض الى آخر نتيجة لإختلاف الأسباب و غزارة الإسهال و مدته , كذلك تعتمد على منطقة الأمعاء المصابة و على الحالة الصحية السابقة للمريض . و قد يشتكي المريض الذي يعاني من الإسهال من مغص و آلام أسفل البطن بالإضافة الى شعور بانتفاخات و غازات .
أميبا القولون :
تنتقل العدوى من شخص لآخر أثناء إفراز الحويصلات الأميبية في البراز التي تستمر لأسابيع أو لأشهر وأحياناً لسنوات عديدة , و قد تنتقل العدوى على شكل وباء يصيب مجموعة من الناس إذا كان مصدر العدوى مياه ملوثة حاوية للحويصلات من براز المصابين , و لكنها قد تنتقل كذلك عند تناول خضروات غير المطبوخة ملوثة أو بواسطة الأيدي الملوثة لمتداولي الأطعمة في البيوت و المطاعم .
و يعاني مريض الأميبا من آلام في البطن تكون خفيفة أحياناً , و قد يرافقها شعور كاذب بالحاجة الى التغوط أو الشعور بانتفاخ في البطن , أحياناً قد تكون آلام البطن شديدة و قد يرافقها إسهال مع مخاط .
التهاب الزائدة الدودية :
يحدث التهاب الزائدة الدودية عندما يتم انسداد تجويف الزائدة مما يؤدي الى انتفاخ النسيج اللمفاوي استجابة للعدوى الفيروسية أو بفعل دخول حصى غائطية (براز ) أو أي جسم غريب من مخلفات الطعام الى تجويف الزائدة , و نادراً ما يحدث الانسداد نتيجة ضغط خارجي مثل فتق في تلك المنطقة أو نتيجة وجود أورام في الزائدة أو الأعور المجاور .
و أحياناً أخرى يحدث الالتهاب نتيجة اصابة رضية Traumatism او نتيجة الاصابة ببعض الديدان التي قد تدخل الى تجويف الزائدة .
و ان انتان المخاط و وجود التقرحات في الغشاء المخاطي للزائدة يؤدي الى حدوث التهاب حاد بؤري و مع استمرار توسع و تمدد الزائدة تكبر الحالة الالتهابية لتصل الى التهاب زائدة تقرحي , و لكن اذا لم يتم التشخيص المبكر و مع مرور الساعات يحدث نقص في التروية الشريانية لتلك المنطقة مما يؤدي الى حدوث غنغرينا و تنتهي بانثقاب الزائدة و من ثم انتشار القيح في منطقة البريتون مما يؤدي الى التهاب شديد في منطقة البريتون و تكوين خراجات , لذلك يتراوح التهاب الزائدة الدودية الحاد ما بين التهاب بسيط قد ينتهي الى الشفاء التام و بين النخر القيحي الخطير الذي قد يصطحب بانثقاب في الزائدة و تكوين خراج او التهاب شديد في منطقة البريتون .
و قد تحدث الإصابة في أي وقت و لكنها أكثر حدوثاً في الساعات الأولى من الصباح و تجعل المريض يستيقظ من النوم .
أما الألم و المغص في التهاب الزائدة الدودية فإنه يبدأ بشكل مفاجئ و لمدة ساعات على شكل مغص في وسط البطن ( حول السرة ) و ينتقل بعدها الى الجهة السفلى اليمنى من البطن ( منطقة الزائدة الدودية و هي منطقة الحفرة الحرقفية اليمنى) ليستقر الألم هناك , و قد يزداد الألم مع الحركة أو السعال لذلك يفضل المريض البقاء متمدداً مع انثناء الركبتين .
وقد يصاحب الألم غثيان و تعب عام و أحياناً يكون هناك تقيؤ و لكن ليس شديداً , و في بعض الأحيان قد نجد سرعة في نبضات القلب و ارتفاع بسيط في درجات الحرارة , هذا و قد يكون الامساك من المشاهدات المألوفة و لكن حوالي 20% من المرضى يعانون من الاسهال .
و اذا تعلقت الزائدة في منطقة الحوض فقد يصبح الالم في منطقة ما فوق الحوض و يعاني في تلك الحالة من اسهال و تقيؤ مما يجعل البعض يشخص الحالة خطأ على أنها نزلة معوية أو التهاب في الأمعاء .
أما عندما يكون مكان الزائدة الدودية الملتهبة خلف الأعور فقد نجد الأعراض والآلام في الخاصرة اليمنى .
و من الجدير بالذكر ان الأعراض و الموجودات الكلاسيكية نجدها فقط في حوالي 50% من الحالات و بسبب التغييرات التشريحية في موقع الزائدة الدودية فإن التهابها قد يجعل الطبيب يعتقد خطأ أن الحالة مرض بطني آخر و ليس التهاب الزائدة الدودية .
و الحقيقة ان الاعراض و الموجودات الاكثر نمطية و كلاسيكية نجدها عند الاطفال الاكبر سناً 5-15 سنة من الجنسين , اما عند الآخرين فقد تكون الملامح أكثر غموضاً و بالتالي تكون احتمالية وجود فرضيات بديلة أكثر .
بقلم الدكتور نعيم ابو نبعة
استشاري أمراض الجهاز الهضمي و الكبد