زراعة الكبد .. موانع مطلقة ونسبية وامكانية نجاح كبيرة
بقلم الدكتور نعـيـم أبـو نبعـة
استشاري امراض الجهاز الهضمي والكبد
كثر الحديث عن زراعة الأعضاء ومن بينها زراعة الكبد نظرا لتزايد عدد المرضى الذين يحتاجون إلى زراعة الأعضاء، مما جعل العديد من الدول ومن بينها دول في منطقتنا العربية تقوم بإنشاء مراكز قومية خاصة لزراعة الأعضاء، لتكون الجهة الوحيدة المسؤولة عن التنسيق و الإشراف على كل ما يتعلق بذلك.
ومن الواضح أن زراعة الكبد تعتبر الأمل الوحيد لبعض المرضى الذين يعانون من تليف وتشمع في الكبد ،أو فشل حاد وصاعق فيه أو عيوب ولادية. ولقد أثبتت الأبحاث أن نسبة الذين يعيشون بعد العملية تقترب من التسعين في المئة. والحقيقة أن مشروع زراعة الكبد يوازي بأهميته عملية زراعة القلب، مع العلم أن لزراعة الكبد حسنة مميزة بالنسبة لزراعة الأعضاء الأخرى وهو قدرته على النمو, حيث يتكون الكبد من جديد إذا بقي أكثر من 25% من حجمه فيكبر الكبد بشكل تدريجي ويرجع إلى حجمه الطبيعي في غضون أربعة أشهر, لهذا فيمكن زراعة كبد مقدماً كهبة من شخص, وهذا ما فتح المجال أمام الأشخاص ( الأحياء ) في العائلة الواحدة إلى إعطاء جزء من كبدهم إلى الشخص المريض وما علينا إلا تشجيع هذا المشروع كي يستفيد منه العدد الكبير من المرضى المحتاجين لذلك.
ومن ناحية أخرى يعمل بعض العلماء في العالم على إمكانية زراعة كبد بعض الحيوانات القريبة في تكوينها من الإنسان للمرضى المحتاجين و خاصة الذين يطول إنتظارهم وقد ينتقلون إلى رحمة الله تعالى قبل توفير كبد مناسب لهم.
وفي الأردن بدأ مشروع زراعة الكبد أخيراً في 25/ حزيران/ 2004م :
وحيث قام أطباء مدينة الحسين الطبية بعملية زراعة الكبد لأول مرة و تكللت بالنجاح , فقام الفريق الطبي الأردني بالتعاون مع فريق طبي من جامعة إيجة التركية بنقل جزء من كبد إحدى السيدات إلى زوجها المريض البالغ من العمر 36 عاماً وتمت زراعة الكبد دون أية عوائق طبية أمام عدد كبير من الأطباء الأردنيين الذين تمت دعوتهم لمدينة الحسين الطبية لمشاهدة هذا الإنجاز الطبي المتميز بعد أن تم ربط غرفة العمليات في مدرج سمو الأمير حمزة بن الحسين بشاشات تلفزيونية لمشاهدة العملية عن كثب, وبعد ذلك تم إجراء عدد كبير من عمليات زراعة كبد خلال السنوات الماضية في مدينة الحسين الطبية وفي مستشفى الأردن على يد فرق طبية أردنية وبنتائج جيدة جدا
الحالات التي تستدعي زراعة الكبد :
1ـ قصور الكبد الفجائي الحاد والشديد الذي قد ينتج عن إلتهاب كبد فيروسي حاد نوع A, B, C, D, E أو قصور الكبد الشديد الناتج عن التسمم ببعض الأدوية, أو نتيجة رضوض الكبد الشديدة أو أمراض الكبد الإستقلابية… إلخ.
2ـ قصور الكبد الناتج عن مرض كبدي مزمن و الذي قد يكون نتيجة التهاب كبدي فيروسي مزمن أو تشمع الكبد الكحولي أو الصفراوي الأولي أو التهاب الكبد المناعي الذاتي المزمن… الخ.
3ـ أمراض أخرى قد تستدعي أحياناً زراعة الكبد مثل أورام الكبد الموضعية أو أمراض الكبد الوراثية الاستقلابية… إلخ.
موانع مطلقة لزراعة الكبد
1ـ إذا كان المريض مدمناً على المخدرات أو مدمناًعلى الكحول.
2ـ إذا كان مصاباً بمرض الايدز ( متلازمة نقص المناعة المكتسب ) .
3ـ إذا كان مصاباً بقصور نهائي في الرئة أو في القلب.
4ـ إذا كان مصاباً بسرطان آخر غير كبدي.
موانع نسبية لزراعة الكبد
1ـ الإصابة بالتهاب كبدي فيروسي B فعال يحمل الانتجين “e” (Hbe Ag) .
2ـ إذا كان عمر المريض أقل من شهر أو أكثر من 65 سنة.
3ـ إذا كان قد أجري للمريض سابقاً عملية جراحية واسعة في البطن … الخ.
رأي الإسلام في زراعة الأعضاء :
حسب كل معلوماتي فإن الإسلام قد أباح التبرع بالاعضاء و قد أجاز فقهاء الاسلام نقل الاعضاء من مريض متوفى دماغياً و زرعها في جسم مريض آخر محتاج .
و هناك قرار صريح من مجلس مجمع الفقه الاسلامي الذي انعقد في دورة مؤتمره الثالث في عمّان عاصمة المملكة الاردنية الهاشمية من 11 الى 16 تشرين الاول 1986م حيث اعتبر شرعاً ان الشخص قد مات اذا تعطلت جميع وظائف دماغه تعطلاً نهائياً و حكم الاطباء الاخصائيين الخبراء بأن هذا التعطل لا رجعة فيه , و اخذ دماغه في التحلل . و اضاف القرار المذكور اعلاه انه في هذه الحالة يسوغ رفع اجهزة الانعاش المركبة على الشخص و ان كان بعض الاعضاء كالقلب مثلاً لا يزال يعمل آلياً بفعل الاجهزة المركبة .
كما يوجد قرار من هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية بتاريخ 6/11/1402هـ يقر بجواز نقل عضو أو جزئه من انسان ميت الى مسلم اذا اضطر الى ذلك , كما يقر انه يجوز ان يتبرع الانسان الحي بنقل عضو منه او جزئه الى مسلم مضطر الى ذلك و بالله التوفيق .
و لكن يجب صيانة كرامة المتبرع بأن تجرى عملية استئصال الاعضاء له بدقة و عناية فائقة، باتباع الاجراءات نفسها التي تجرى لاي عملية جراحية لانسان حي .
كما يجب ان يكون هناك موافقة تامة عن طيب خاطر دون مقابل و بإذن مسبق مكتوب من المريض او من ولي أمره , و بالطبع فالموضوع بحاجة الى تنسيق دقيق جداً و معقد لانجاح هذا المشروع بين المريض المتبرع نفسه او ولي امره و بين منسق زراعة الاعضاء في المستشفى المتبرع , و المنسق في المستشفى المتبرع اليه من اجل تحديد الشخص المناسب للكبد الممنوح .
بقلم الدكتور نعـيـم أبـو نبعـة
استشاري امراض الجهاز الهضمي والكبد