من الذاكره : من وادي سرور الى شارع حاتم الطائي في الاشرفيه عمان ( 1961 ميلادي )
من الذاكره … (وللقصه بقيه )
من وادي سرور الى شارع حاتم الطائي في الاشرفيه :
…………….. الصورتين هي عام ( 1961) : الصوره التي يظهر بها شخص واحد هي صورتي : نعيم ابو نبعه..اما الصوره الثانيه الجماعيه فهي من اليمين الى اليسار : العبد الفقير نعيم ابو نبعه . برفقه اختي نعيمه ابو نبعه ( ام حمزه ابو نبعه ) والثالث هو أخي المهندس محمد امين ابو نبعه ..اما الجالس على الارض فهو أخي المهندس عدنان ابو نبعه . اما اللذي يظهر في الخلف بقميص ابيض فهو ابن جارنا العزيز .
…………الصورتين هما في نفس المكان بجانب منزلنا هناك في منتصف وادي سرور الذي يصل الاشرفيه مع وسط البلد… ………….. حيث كنا مستاجرين عند الفاضل ابو محمد الانضباط ( هكذا أعتقد اسمه ) وكان هو جار لنا بالسكن و محترم جدا…..وبعد حوالي السنه يعني عام 1962 انتقلنا الى مكان آخر في الاشرفيه في طلعه شارع ابو درويش قريب من مركز أمني كان هناك وكنا مستأجرين لغرفه واحده سعتها حوالي( 20 )متر فقط.. نسكن فيها العائله كامله تسعه اشخاص ( ابي وامي وسبعه ابناء ) و أمام هذه الغرفه كان هناك بسطه متران في خمسه امتار تقريبا وحمام .. وكانت البسطه متنفس لنا …وكنا نستقبل ضيوف زوار كثر يحضروا قادمين من بلدتنا ( الزاويه — نابلس ) او من البلدات المجاوره لها( خاصه في فصل الصيف ) وبعضهم يناموا عندنا في البسطه أمام البيت وثاني يوم يقوموا بمهامهم في عمان ويرجعوا الى البلده في نفس اليوم ( حيث كانت الضفه الغربيه جزء من المملكه الاردنيه الهاشميه )…. لكن صاحب الغرفه الذي كان يؤجر العديد من الغرف الملتصقه بغرفتنا …(كل غرفه يسكن فيها عائله ) صاحبنا المؤجر كان يحتج لوالدي كثيرا بسبب الضيوف والزوار الكثر اللذين كانوا يزوروننا ..ويقول لوالدي : يا اخي انت عندك زوار كثير كل يوم عندك زوار …يا اخي ما بصير هذا … وعندما اصبح يعيد الشكوى لوالدي مرات ومرات :: قال له والدي : يا اخي يأكلون عندي و يشربون من عندي ونومهم بناموا امام غرفتي ولكن ما هو الذي يزعجك في الموضوع فأجابه المؤجر صاحب الغرفه: يا أخي انهم يستعملوا الحمام وبذلك تمتلئ الحفره الامتصاصيه .. فضحك والدي رحمه الله وقال له :: يا اخي علشان ما اسمع هذه الكلمات مره اخرى سأشتري ارض وابني فيها ان شاءالله .
…وبعد اشهر قليله اشترى والدي قطعه ارض صغيره ( 400) متر مشتركه مع صديق له وقسموها على اثنين على ان يبني كل واحد منهم في ال ( 200) متر الخاصه به وشريكنا في القطعه هو الجار الفاضل : السيد محمود طه ابو حميد (ابو حيدر ) والقطعه تقع اسفل جامع ابو درويش وفي ذلك الوقت كانت كل المنطقه أراضي زراعيه و جميعها مزروعه بالخضروات ..وكان هذا في عام 1963 ميلادي فقام والدي( رحمه الله واسكنه فسيح جنانه ) ببناءمنزل مكون من ثلاث غرف وحمام ومطبخ بسيط ودخلنا للسكن فيها بدون دهان ولا قصاره للجدران وبدون بلاط وفقط ابواب وشبابيك غير مدهونه …ودخلنا الدار مبسوطين جدا جدا جدا وكان لنا كقصر جميل والحمد لله .. وبدأ والدي شيئا فشيئا يحسن المنزل ففي كل شهر ينجز شيئا في المنزل الى ان اصبح مدهونا وببلاط وبرادي للشبابيك ومطبخ بسيط ولكنه جميل جدا في اعيننا . .. .. وبعد عده سنوات بني طابق ثاني..والمنزل ما زال موجودا لحد الان بجانب جارنا العزيز محمود طه ابو حميد ( ابو حيدر ) … ومن الجهه الاخرى الجار العزيز ابو حسن ابو غريب واولاده الكرام وخلف المنزل دار ابو احمد الشملاوي (رحمه الله ) ودار ا البواعنه ودار ابو ماجد فندي زعبي …. وكانت دكان ابو مصطفى الشوملي تعتبر من المعالم في الحي وكان ابو مصطفى الشوملي ( صاحب الدكان ) صديق للوالد وصديق لجميع افراد العائله . …ونتذكرضحكته الجميله جدا …. وكنا نشتري منه بالدين ويسجل في الدفتر …..وفي آخر الشهر عندما يستلم والدي الراتب اذهب لتسديد الدين .
وما زال المنزل موجود الى الآن ..ويقع في شارع حاتم الطائي رقم 86 وحاليا ثلاث طوابق وتسويه..
—– —————————- —————————- ——
…..والحمد لله رب العالمين في عام 1967 ميلادي سافرت الى اسبانيا لدراسه الطب وبعد سنتين سافر اخي محمد امين ( ابو صهيب ) الى ايطاليا لدراسه الهندسه ..و في عام 1975 سافر اخي عدنان ( ابو محمد ) الى يوغسلافيا لدراسه الهندسه… وبعد سنوات اخرى سافر اخي الرابع عبد الكريم الى تركيا لدراسه الهندسه …………………………..
…. و للحديث بقيه :
. هذا ولقد درست الصف الثالث الابتدائي والرابع والخامس والسادس الابتدائي عام 1958 وعام 1959 – وعام 1960 وعام 1961 في مدرسه صلاح الدين الايوبي في الاشرفيه …. وكنا يوميا في الطابور الصباحي ننشد النشيد الوطني الاردني والنشيط الوطني الجزائري …. ونصيح بقوه : وعقدنا العزم ان تحيا الجزائر فاشهدوا فاشهدوا فاشهدوا ..
.. .. وفي غرف الدراسه كنا نجمع تبرعات للجزائر ..نحاول التبرع بتعريفه ان وجدت معنا نتبرع بها بدلا من ان نشتري بها شيئا في الفرصه .. ونستطيع احيانا ان نجمع من كل غرفه دراسه خمسه قروش وقد تصل احيانا الى ثمانيه قروش من كل فصل ……
. . أما الاول أعدادي والثاني أعدادي والثالث أعدادي ( عام 1962 وعام 1963 — وعام 1964 ) فكانت دراستي في مدرسه بجانب بيتنا في الاشرفيه كانت موجوده في جامع ابودرويش من الجهه الخلفيه من الجامع ( مدرسه حسن البرقاوي ) ..قبل ان ننقل الى جبل الحسين لدراسه الثانويه… ……. وخلال دراستي الثانويه في جبل الحسين
كنا ننزل مشيا على الاقدام من الاشرفيه الى وسط البلد عن طريق وادي سرور ( ننزل مشي لكي نوفر تعريفه ).. ومن وسط البلد نأخذ الباص الى جبل الحسين… وعند الانتهاء من اليوم الدراسي ننزل مشيا على الاقدام من جبل الحسين الى وسط البلد ( لكي نوفر تعريفه اخرى ) وبعدها نستقل الباص من وسط البلد الى جبل الاشرفيه وننزل من الباص باب جامع ابو درويش القريب من منزل والدي رحمه الله …….. المهم ان المواصلات كانت تكلفني قرش واحد يوميا .. ……… وكانت متوفره دائما ………. ……… ……………… والحمد لله رب العالمين
————- ————- ——————- ———————— ———– ———— ———- ————
.الجزء الثاني :
———————- ———————- ————— ——-
—————— —————————- ——————— –
.. ..وبعد ثلاثه سنوات من الانتقال اليومي من الاشرفيه الى جبل الحسين جاء وقت امتحان الثانويه العامه عام 1967 ميلادي وتمت الامتحانات للأيام السبعه الأولى ( حسب ما أتذكر ) وكانت المراقبه صارمه و شديده جدا جدا وجاء اليوم الذي يليه وكان الخامس من حزيران حيث ذهبنا مثل كل أيام الامتحانات ولكننا فوجئنا بأن المراقبين واغلبيتهم من الجيش العربي ( حيث كان المكان الخاص لنا بتقديم الامتحان هو في قاعات ” التطبيقيه النموذجيه ” في جبل الحسين واعتقد انها كانت تابعه للجيش.؟.؟ ؟ ………………..فوجئنا انهم لم يراقبوا في ذلك اليوم…ويقولوا لنا يلا .يلا يا شباب هناك اخبار حلوه جدا …هناك اليوم اخبار ممتازه لكم وكانوا يتحدثون مع بعض ولا ينظروا الى الطلاب ويقولوا لنا .يلا ..يلا خلصوا هناك اخبار جيده لكم …ونحن الطلبه منهمكون في التحدث مع بعضنا البعض لكي نتأكد ان اجاباتنا صحيحه وخاصه ان المراقبه في هذا اليوم لا تذكر فهم يتحدثوا مع بعض فرحين و مبسوطين ويقولوا يلا يا شباب .يلا يا شباب…..
……………………. وبعد تسليم الأوراق اخبرونا بان الحرب قد بدأت بين العرب والعدو الصهيوني وان الطائرات العربيه تغير على مواقع العدو ..وان العرب اسقطوا عده طائرات للمحتل الصهيوني … واصابتنا فرحه كبيره جدا … وسرنا مشيا على الاقدام عدد كبير من الطلبه من طلبه كليه الحسين وكليه رغدان الى وسط البلد ونحن فرحين بسماع الاخبار التي تعطي الانطباع ببدايه تحرير فلسطين ..وعندما وصلنا الى شارع السلط والى ساحه المسجد الحسيني الكبير في وسط العاصمه شاهدنا عده عربات وآليات تحمل الجنود في طريقها الى مواقع القتال وكنا نصفق بأيدينا ونصفق ونصفق بأيدينا ونحيي ونحيي ونرفع علامه النصر والبعض من الطلبه أصابه البكاء الشديد لأننا نريد ان نكون معهم في ساحه المعركه .. وكان الاغلبيه تردد الله اكبر .الله اكبر الله اكبر ….
—————— ———————- ——————– ——– ———————– ———————— —————– —– – الجزء الثالث :
…… وبعد حوالي ثلاثه أشهر من هزيمه حزيران 1967 ميلادي وبعد الصدمه والحزن الشديد الذي كنا نشعر فيه من نتائج الهزيمه .. ………..كان عندي رغبه شديده لدراسه الطب ( وخاصه ان زملائي في مدرسه حسن البرقاوي في الاشرفيه وبعد لبسي لنظارات طبيه منذ اول اعدادي كانوا ينادونني دكتور نعيم .. … د. نعيم لأن معظم الاطباء في ذلك الوقت كانوا يلبسون نظارات ) ونتيجه رغبتي وتشجيع والدي ووالدتي رحمهما الله لدراسه الطب قررت السفر الى اوروبا لدراسه الطب وكانت اول سفاره راجعتها للسؤال عن امكانيه دراستي للطب وعن شروط الحصول على فيزا للدراسه هي السفاره الاسبانيه وفوجئت بالترحيب الفوري وطلبوا مني فقط شهاده الثانويه العامه مصدقه وجواز السفر ساري المفعول وهذا ما وفرته لهم ثاني يوم لأحصل على الفيزا بعد 24 ساعه ((ومن المعروف ان اسبانيا كانت في ذلك الوقت تحت الحصار الاوروبي نتيجه حكمها من الجنرال فرانثيسكو فرانكو وبالطبع لم تكن تعترف بدوله الاحتلال وكانت آخر دوله اوروبيه تعترف فيها وذلك بعد توقيع اتفاقيات ” سلام ” ( اتفاقيات الذل ) بين دوله الاحتلال ومصر ))
….. وبعد الحصول على الفيزا لدخول اسبانيا بدأت اجهز نفسي للسفر …….. وهنا بدأ أهلي بالسؤال هنا وهناك ماذا ممكن ان يأخذ معه ابننا نعيم وخاصه انه لا يعرف اللغه الاسبانيه ولا يعرف أحد هناك لمساعدته … واخيرا بعد مشاورات كثيره قرروا أن احمل معي اشياء قد احتاجها اول اسبوع على الاقل مثل :: زيت … زتون اسود ….زتون ابيض .. زعتر .. ملوخيه ناشفه …باميه ناشفه علب سردين وعلب تونا وبقلاوه وحلويت اخرى بالاضافه مواد تنظيف الاسنان . وقالت والدتي رحمها الله : يا نعيم الله يوفقك ويسعدك والله يرضى عليك ليلا ونهارا في الدنيا وفي الآخره … سوف تحتاج اول الايام ان تشتري خبر على الاقل .. .
.. .. وتقريبا في منتصف أب 1967 سافرت الى اسبانيا لدراسه الطب …ولم يكن هناك خط طيران مباشر من عمان الى اسبانيا فسافرنا بالسياره الى دمشق ومكثنا ليله واحده وثاني يوم الصباح الباكر توجهنا الى مطار دمشق الدولي للسفر الى اسبانيا و توقفت الطياره في مطارين في اوروبا الشرقيه لتنزيل ركاب وصعود آخرون … وكان يرافقني في السفر الزميل الدكتور كمال ابو خرمه والذي استقر في اسبانيا بعد الانتهاء من دراسه الطب والزميل الدكتور بديع النبراوي ( استشاري امراض الجلديه ) ويعمل حاليا في دول الخليج .
…. ووصلنا الى مطار مدريد الدولي حوالي الخامسه مساء وأخذنا سياره برفقه رفقاء السفر كمال ابو خرمه وبديع النبراوي الى وسط المدينه نبحث عن سكن ..وكان هناك اعلانات كثيره عن تأجير غرف عند عائلات اسبانيه وقام كل واحد منا بالذهاب الى احدى هذه الاماكن .. وطبعا كل واحد فينا يحمل تقريبا نفس المحتويات من الاردن وكان علينا في الايام الاولى ان نشتري فقط خبز ونأكل كل واحد في غرفته من المواد التي احضرها من الاردن … ولكن في الصباح و في احدي المحلات المجاوره نشرب شيئ ساخن قهوه مع حليب مع تناول الحلويات الصباحيه…وكانت اسبانيا رخيصه جدا جدا في تلك الايام . واتذكر ان شرب كوب كبير من القهوه مع الحليب وتناول حلويات مرافقه كان يكلفنا في ذلك الوقت في المحلات بزتتين ونصف ( يعني قروش قليله ) .
…….. وبعد يومين حصلنا على عنوان كليه الطب في مدريد وذهبنا هناك نسأل عن طلبه عرب ليساعدوننا في البحث عن سكن وعن كيفيه تعليم اللغه الاسبانيه …. ووجدنا الكثير من الطلبه الاردنيين والفلسطينيين والسوريين واللبنانيين والكل كان يحاول مساعدتنا وشرح كل شيئ لنا واعطونا اسم استاذ عربي يعلم اللغه الاسبانيه اتذكر اسمه البروفيسور صلاح …
….. مكثت حوالي ثلاث اشهر في العاصمه الاسبانيه مدريد ثم انتقلت الى مدينه بلنسيا للبدء في مشروع دراسه الطب في جامعه بلسيا ( وهي المدينه الثالثه من ناحيه عدد السكان بعد مدريد وبرشلونه ) .