السيدة الحامل و التهابات الكبد الفيروسيـة
بقلم د.نعيم ابو نبعة
استشاري أمراض الجهاز الهضمي و الكبد
تعتبر التهابات الكبد الفيروسية من اكثر أسباب اليرقان عند السيدة الحامل …ونسبة الإصابة هي نفسها في مختلف مراحل العمر، و عادة ما تكون الاعراض و علامات المرض وكذلك نتيجة خزعة الكبد متشابهة الى حد بعيد عند المرأة الحامل و عند بقية المرضى المصابين.
اما في حالة التهابات الكبد الخطيرة و الشديدة و بالرغم من ان هناك خطراً و اضحاً على الجنين ( حيث يمكن ان يحدث الإجهاض او تحدث الولادة المبكرة ” قبل موعـدها ” ) إلا ان سيرة المرض لا تتحسن بإنـهاء الحمل، لذا فإننا لا ننصح بإنـهاء الحمل بسبب الإصابة الشديدة،لان هذا الإنـهاء لا يحسن من سيرة المرض إنما قد يزيد الامر سوءاً ( أحيانا )، ومن الجدير بالذكر ملاحظة ان خطورة المرض قد تكون أشد عند بعض النساء الحوامل و هذا يعتمد على المنطقة و البلد الذي تعيش فيه المرأة، ففي غانا و بعض الدول الإفريقية الأخرى لوحظ زيادة كبيرة في حالات الغيبوبة الكبدية و الوفاة عند النساء الحوامل في حالات التهابات الكبد ويعتقد ان السبب هو التغذية السيئة هناك.
في الهند و الباكستان و بعض مناطق الشرق الأوسط لوحظ في حالة الإصابة بالتهاب الكبدالفيروسي ” E ” ان حالات الوفاة قد تصل الى % 15 عند النساء الحوامل.
و لكن في أوروبا الغربية و الولايات المتحدة فتقول التقارير ان نسبة الخطورة في التهابات الكبد الفيروسية هي نفسها عند السيدة سواء أكانت حامل أم لا.
العدوى من الأم المصابة بالتهاب الكبد الفيروسي الى طفلها أثناء الحمل:
· التهاب الكبد الفيروسي نــوع ( A ):
لوحظ ان ألام المصابة بالتهاب الكبد الفيروسي نوع ( A ) لا تنقل العدوى الى ابنها خلال الولادة في الفترة الحرجة من المرض، و نعتقد ان تلك العدوى لا تتم لان فترة وجود الفيروس في الدم هي فترة قصيرة جداً بالإضافة الى عدم اختلاط براز الأم مع الطفل المولود في الأغلبية العظمى من حالات الولادة.
· التهاب الكبد الفيروسي نــوع ( B )
في حالة الإصابة بالفيروس ( B ) قد تتم العدوى أثناء الحمل عن طريق المشيمة ( و هذه النسبة ضئيلة جداً ) و الأكثر حدوثاً هي العدوى أثناء الولادة لأن سوائل الولادة للأم المصابة بالفـيروس (B ) قد تحتوي على كميات كبيرة من الفيروس ( B ) .
و هناك اختلاف في نسبة نقل العدوى للفيروس ( B ) من الأم الى طفلها أثناء الولادة وذلك حسب المنطقة الجغرافية لهذا نجد هذه النسبة عالية في تايوان و منخفضة في الولايات المتحدة الأمريكية.
و نقل العدوى من الأم لطفلها قد تتم بعد الولادة وذلك عن طريق اللعاب، الدموع، او عن طريق الثدي اذا كان فيه جروح صغيرة يخرج منها القليل من الدم.
و في هذه المناسبة يجب ان لا ننسى ان العدوى قد تحدث للطفل من أشخاص آخرين في العائلة غير الأم مثل الأب او الاخوة والأخوات ،وأخيرا نقول ان الأم الحامل المريضة بالفيروسB يجب ان يعطى ابنها بعد الولادة حالاً (دقائق او سويعات قليلة بعد الولادة ) الغلوبولين المناعي 0.5ml of hyperimune globulin و الذي يحتوي على أجسام مضادة جاهزة ضد الفيروس Bلكن دائماً و أبدا يجب ان يتبعه التطعيم خلال الأسبوعين الأولين من الولادة و تعطى الجرعة الثانية من التطعيم ضد الفيروس Bبعد شهر من الجرعة الاولى و بعد ستة اشهر تعطى الجرعة الثالثة.
التهاب الكبد الفيروسي نـوع سي (C )
يزداد انتشار العدوى بالفيروس سي يوما بعد يوم لان معظم حاملين هذا الفيروس نوع C يتحولون الى حاملين مزمنين سواء ظهرت أم لم تظهر عليهم أعراض مرضية، لذلك فمع انتشار حاملي الفيروس الذين لا تظهر عليهم أعراض للمرض لسنوات عديدة وربما لعقود يمكن للمرض ان يزداد تدريجياً و ينتشر بشكل وبائي بين المواطنين دون ان ينتبه إليه الناس.
و المشكلة الأخرى التي نواجهها بخصوص مرض الكبد الناتج عن الفيروس نوع C انه و حتى تاريخ نشر هذا المقال لا يوجد أي تطعيم ضده، لهذا فالجميع مرشح للعدى اذا لم يتم اتخاذ الإجراءات الصحية اللازمة أو إذا لم نبتعد عن جميع مشتقات الدم و عن جميع إفـرازات المصابين، ومن الجدير بالذكر ان هذا المرض منتشر و بنسب متفاوتة في مختلف أجزاء الوطن العربي فهو اكثر انتشاراً في جمهورية مصر العربية حيث تقول بعض الإحصائيات بأن نسبة الإصابة هنـاك تتراوح ما بيـن % 20-%15 من السكان.
ومن المعروف ان هناك ما لا يقل عن عشرين نوعاً من هذا الفيروس نوع C( النوع الياباني، النوع الأمريكي،…الخ )،و الإصابة بإحداهم لا يمنع من الإصابة بنوع آخر من الفيروس .
و يتم التشخيص عادة اذا وجدت دلالات الفيروس في الدم بالإضافة الى الارتفاع في إنزيمات الكبد، و لكن يعتبر مقياس ( فحص ) ارتكاس البوليميراز ( PCR ) -و الذي يسمى باللغة الإنجليزية ( HCV RNA PCR TEST ) – هام جداً لتشخيص التهاب الكبد الفيروسي نوع C و كذلك لمعرفة و مراقبة التحسن الذي قد يُحدثه العلاج الطبي باستعمال العقاقير المعروفه .
اما طريقة العدوى بالفيروس C فهي مشابـهة لطرق العدوى بالفيروس B و لكن بنسبة اقل بكثير و من الجدير بالذكر ان نتيجة العدوى بالفيروس C من الأم لطفلها غير معروفة بشكل كامل لحد الآن بالرغم من ان متابعة بعض الأطفال بينت ان بعضهم لم يعاني من التهاب كبدي و البعض الآخر تخلص من الفيروس خلال السنة الاولى من عمره.
بقلم د.نعيم ابو نبعة
استشاري أمراض الجهاز الهضمي و الكبد